عزيزتي رايتشيل 
الأيام تأخذنا تباعا، لم ألحظ أنه مر على غيابي عامٌ كامل، هذه الرسالة الأولى التي أكتبها لك منذ وصلت إلى هنا، أعلم انني مُقصِّر بعض الشيء، لكن لا تقلقي، فالحياة هنا لا تختلف كثيرا .. 
هناك بعض المعالم التي تثير اندهاشي فقط، كيف بنى الفرنسيون ذلك البرج الكبير ؟؟ ولماذا يهتم الإنسان دائما بإظهار قوته ؟؟ حسنا، أعتقد أنه بنفس المنطق لا يصح لي أن أُُظهر إليك الآن كم أنا مشتت وضعيف. 
الحرب تأخذ كل شيء يا عزيزتي، إنها لا تحصد الأرواح فقط، إنها تحصد معنى الحياة من الوجود. 
أتعلمين !! لا مكان للحزن هنا، لا مكان للمشاعر عموما، إنها الحرب، تسقط الآلاف من الجثث جوارك كل يوم، ولا يحق لي أن أرثيهم في قلبي حتى، لا فرصة لذلك .. 
تموت الأجزاء بداخلي كل يوم
الحياة تفقد معناها بالتدريج
لكنني وبالرغم من كل ذلك ..
أحاول
نحن منهزمون في الحرب بالفعل، ولكن لا يهم، فأنا على الضفة الأخرى منتصر على الحرب التي بداخلي .. 
لا أريد للحب أن يختفي من قلبي
إنه آخر ما تبقى مني
أنتِ آخر ما تبقى مني
أحاول كل ليلة أن أُبقيك بداخلي 
هذه هي الحرب الحقيقة
والتي أتمنى أن أظل منتصرا بها حتى النهاية ..

بقلم : أحمد عبد الخالق 
صوت : أشرف عيد

رسالة كُتِبَت بألم الحرب

يقول أستاذ الفيزياء: 
الزمنُ يسيرُ في اتجاهٍ واحد،
إنه الشيءُ الوحيدُ في الحياةِ الذي لا يمكن العبث به. 

ويقول معالجي النفسي:
قد ترى بعض الأمور تتكرّر أمام ناظريك،
فلا تعطي للزمن اهتمامًا، 
إنها هلاوسٌ داخل عقلك الذي يعبث بك. 

وتقول جميلتي: 
كأن الزمنَ يتكرر، 
إني رأيتكَ قبل مولدي 
وقتَ أن تلاقَت أرواحُنا قبل البدء. 

وأقول أنا: 
إنه الوحشُ القابعُ أمامَ غرفتي، 
يجري سريعًا، سريعًا
دون أن ألحقَه بعيني. 

يفلت من يديه الأحداثَ أمام الباب، 
ويلقي الآثامَ المتتاليةَ على قلبي، 
فلا عاد النورُ يدخل إليّ، 
ولا عاد قلبي يقوى على الحراك. 





الزمن - أحمد عبد الخالق

voice over : أسامة إبراهيم
ما بين الجنةِ والنارْ ، الصوابِ والخطأْ ، الجهةِ التي من المفترضِ أن تكون محايدةً وسطَ حربٍ قائمةً علي اليمينِ واليسار …" هنا "… وُضعت أنت ، لست بذلك الملاك ِالذي أُنزل من السماءِ – لكنك تسعي - ، ولست بذلك الشيطانِ القابعِ تحت الأرضِ ترسل جنودَك لتدميرِ البشريةِ .. مجردُ بشريّ تخطئُ وتصيبْ ، مترنحٌ بين هذا وذاك ، فأينما تميل يصبغ عليك المكانُ صبغتَه لتظهر بها .. فلست كاملَ التحكمِ فيك ..   
  دعني أقُل لك .. ذلك الصراعُ الدائمُ والمتواترُ داخلَك ما هو إلا محاولةُ كلا الطرفين لسيادةِ صبغتِه عليك ، بداخلِك كل ما هو في الكونْ ... الخيرُ والشرْ ، الحقيقةُ والضلالْ ، القبحُ والجمال ، الرأسماليةُ والإشتراكية ، اليوتوبيا والديستوبيا ، تجمع المتناقضَ من كل شئٍ .. ما هو نفعٌ لك وما هو ضررٌ لك – أقصد في نفسِ الوقتِ – فكل ذلك تحويه أو يحويك – أقصد في نفسِ الوقت - … 
الإنطوائيُ ما بعدَ منتصفِ الليلِ ، وقتُ الوحدةِ التي تتجمع فيه كلُ أحزانِك تتحداك أن تكونَ افضلَ من سابقتِها في الليلةِ الماضيةِ من ناحيةِ إيذائِك .. وذلك الإجتماعيُ وقتَ النهارِ الذي يرسل كلَ ما هو مبهجٌ وجميلْ .. إنه أنت ، كلٌ يظهر في وقتِه المحددِ له عندما تتوافرُ الأدواتُ لذلك … فتكيف مع ذلك أو حاول التمردَ عليه – إن استطعتْ – ، ولننتظرْ حتي نري أي منهما سيظهر ..

Epic Trailers

ربّما

حزنك الدافئ لم يهجرك بعد ، يأبي إلّا أن يمضي معك لياليك قاطبةً محدثًا إياك عن هجرانك له ، وأنك لم تزره منذ سنتين من الثواني القليلة ، لذا قرر اليوم زيارتك .. أجمعَ علي ظهره كل ما مضي حتي أنّه أتي بما تخافه من مستقبلك الآمن ليضعه أمامك ، ولتحزني أيتها الروح النقية الآن !! . أشعلَ فتيلة من التبغ وجلس أمامك حانقًا ، أخرج ورقةً من جيبه وأخذ يتلو عليك قصيدتك التي كتبتها منتصف ليل الثالث من أيلول الماضي في رثاء أحلامٍ قد أُجهضت منذ زمن .. 
" ترسانةٌ من المخاوف قد أتت 
تُثقِل الليل الطويلْ .. 
تودّ الهروبَ من " هنا " 
لكنك .. ستبقي 
رغم الشتاء الثقيلْ .. 
منتظرًا أن يهرب الكلُّ 
وتبقي وحيدًا في ذات ال "هنا "
 نادبًا حظك الحانق الذي ..
 يعاقبك دومًا .. بالرحيلْ عاجلًا .. أم آجلًا 
سيرحلُ .. 
تاركًا نفسَ الأثر 
سالكًا .. نفسَ السبيلْ .. 
ماحيًا ما قد مضي .. 
خالقًا فيّ ماضٍ جميلْ .. 
ليصير وحشًا قاتما 
ويصير حلمى قاتلا 
بذاك المستقبل الذليل .. 
" تشير له بيدك أن كفي ، فأنت تحفظ قصيدتك تلك مطبوعةً علي قلبك منذ أن مال إبريق قهوتك الذي تشربه كل ليلة علي ورقتك فأنهكتها .. وياليتك لم تفعل !! ها قد نجح .. أنت الآن خائفٌ من جرذان المخاوف التي أتت لتستولي علي روحك المنبته ، مشاعر الخوف نفسها أصبحت تخاف الوقوف أمامك ، قادمك الذي تخاف منه يخافك من فرط خوفك . كفاك يا صديقي .. كفاك إنهاكًا لروحك الطاهرة .
القاء : أحمد عبدالخالق

الخوف | أحمد عبدالخالق

وكانت البداية ..
خُلقنا .. ولم نلتقِ
هائمون ف الأرضِ
من كل متاهات الكونِ
نستقى ..
أرواحنا تحلق في الفضاءِ
منذ زمنٍ بعيدٍ
ولم تُخلقِ ..
٢
ماذا لو كنّا جيرانًا ! 
وعشنا معا زمانَنا .. 
وحميتكِ في معاركِك القديمةِ
من عبثِ الدنا ..
وأدعك تكتبين قصيدةً حسناءَ
فتصير حتمًا قدرَنا
وأدعك تعزفين لحنًا ثوريًّا
يشبهك ..
يصل بجماله لسمائِنا
فحلّقى معه يا فتاتى
حلّقى
٣
فلنفترض
تلك النجوم في السماء
كانت تتداول حكاوينا
أو أن الورق .. 
شابه بين خطوطِنا
وقلوبِنا ..
فبات يتمني تلاقينا .. 
أو أنّ طواحينَ الهواءِ 
تناقلت أنفاسَنا 
فباتت تنادينا ..
فصفّقي أيتها الطواحين
صفّقي
٤ 
أيا قصيدتى
سألتكِ ..
عمّا يُحاك بقصّتي
وعن الهوى ..
وعن الكمال فلم أصل
أين الهوى .. ! 
وعن فتاةٍ ..
عجزتِ يومًا وصفَها
وعن فؤادِ العاشقين
بماذا ارتوى .. ! 
فاخلقي قصيدة تشبهك
اخلقي
٥
وتلاقينا ..
وما عدتُّ أشتهى الكمالَ
وما عادت تدور الطواحينْ
ولا عادت حروفى
تشتهي قصائدًا لغيركِ
فقصيدتي لكِ ما زالت ..
تنسج نفسها بطول السنينْ
تمر السنين .. 
تطول السنينْ .. 
ومتاهات الكون لم تنته
والفضاء الذي ..
كان يضيق بأروحنا
صار ملجأنا الأمينْ ..
ولحننا الثوريّ ..
ما زال يعزف نفسَه
علي أوتار قصيدتى
فتتراقص عليه 
سماؤنا .. 
وبحورُ الشعر ..
والموازينْ
دعينا إذا .. 
نلتقي ثانيةً .. 
ونلتقي .. ونلتقي
.
كتابة والقاء : أحمد عبد الخالق
لوحة : مصطفى محمود جاد

" ما قبل البداية "

يا حُلمىَ المُختار فوق قصيدتى 
من لى بتلك قصيدةً ترضيكِ
إن التحلّى باللغات جميعها 
لن يكفِ أيا من صفات الحسن فيكِ
إن القصائد حلمها 
أن تعانق شفاهك ..
فتكفيها وتكفيكِ
يا حلمى المختار فوق الليالى كلها 
إن النجوم في قلبى .. تناديكِ 
هبّى إلينا واسبحى
بفضائنا الشعرىّ ..
فما غابت لياليكِ
ولا نقُصَت أمانيكِ
ننتظرك حلما قادما 
ننتظر شعرا يصفك 
يرضينا .. ويرضيكِ
كتابة والقاء : أحمد عبدالخالق

ِكيف لى بقصيدةٍ  توصفك

فوقَ الجبالِ 
تقبع أشعارُنا ..
تتخبّط بها السحب بين الحين والآخر 
لكنها لا تودّ الاستسلام ..
يا جميلتى .. 
الشعرُ يُؤمَن به 
كما الأحلام ..
والشوق يُؤمن به 
ويُخبّأ .. بين طيّات الكلام 
وبين الصمت والآخرِ
كلمات لا تُنطقُ ..
فتظلّ هائمةً بعقلى 
لا تنام ..
إننى مؤمنٌ بها 
تتأرجح بين شفتاى وعينيكِ 
فلا تعرف بأى جنةٍ تستقر 
ولا تُلام ..
الحياة يستحقّها المؤمنون
وإنّى مؤمنٌ بكِ ..
وبذاك الشعر بعينيك
وبأنّى أعظم المقاتلين 
بكِ ..
وإليك تتضرّع الأيام ..
أيا سيّدتى ..
فلتوهبى الزمن جزءً منكِ 
فيغدو جميلا ..
يُمطر على قلوبنا .. سلام 
" لا يموت الناس عندما تنتهى حياتهم 
ولكنها تنتهى عندما يفقدون الإيمان "
لذا ..
فإنّى لن أموتَ 
ولا قيامة تُقام ..

الإيمان - أحمد عبدالخالق

صباح الخير عزيزتى ..
لم أكن أتمنّى أن أكتبَ إليك خطابًا كهذا .. لم أكتبْ في أكثر أشعارى تشاؤمًا يومًا أننى سأفعل ذلك .. تعلمين أن الحياة لا تعطينا الخيارات لنبكى بأكثر الطرق التي يُلقَى بها بعضٌ من الحزن بداخلنا إلى جوفِ الكتابة ، لو أنها تركت لنا الثوانِ لذلك فهذا جلّ الكرم ..
سأذهب إلى الحرب جميلتى .. 
جاءنى الأمر بذلك أمس .. وكما تعلمين فإن من الواجب على أبناء الوطن الواحد أن تسيل دماؤهم من أجل آمال الحاكم الواحد ..
لعلّنى أجد نفسى وسط النفوس التى تفنى ..
ولعلّنى أستطيع البكاء تحت دوىّ الأصوات المتناغمة التي تُطرب الأموات والحكّام .. وإن لم أستطعْ فلربما تستطيعين وقتها البكاء وستكونُ أوّل الدموع التي تُذرف على حياتى التعيسة تلك – حتى قبل أن أفعلَ أنا - ..
تسرقنا الحياةُ خلف المشانقِ 
وتتلو علينا ترانيمَ العزاءْ
ثم تسألنا ..
يا تُرى ؟ 
من منكمُ يودّ البقاءْ ؟ ..
تضيق الخيبات على عنقك 
فلا تستطيع التنفس 
أو البكاءْ ..
وتعيدُ الحياةُ السؤالَ ..
" حريّة الإختيار هاهنا 
أيا أصدقاء ..
من منكمُ متمسّك ؟
ويريد أن يصلَ بأحلامه 
حدّ السماءْ .. " 
ويداك مقيّدة خلفَ ظهرك 
تشير برأسك أن كلّا 
لكنّها  .. عمياءْ 
وتقول ..
" لماذا لا تجيبون يا رفاق ؟ "
تحاول أن تصرخ
ولا تصل حتّى 
إلى قلمِك المستاءْ ..
ويشتدُ الخناق 
ولا تستطيع 
تتمتم بأخر أشعارِك 
وتمسك بأحلامِك 
وتتصاعد بها ..
إلى السماء ..
أداء : أية الجاويش
كتابة : أحمد عبدالخالق

ربّما الأخيرة

كل شئ كان على ما يرام ، هكذا كان يخيّل لك ، الأيام تجرّ بعضَها بعضا بلا فرصة للخطأ ، ذلك الذى حرصتَ دائما على تجنبِه ..
جانبُك من النهر هادئٌ كما هو دومًا ، لكنّك لم تكُ ترى تلك الرياحَ التى تضرب أمواجَ العقلِ التائهةَ على الجانب الآخر ، تدرك الأمور متأخرا كما هو الحال دائما ..
وكأن الحياةَ تكره استقامة الأمور وتحسّنها ، ما تنفكّ ان تتركك لتهدأ حتى تدخلك فى صراعٍ تلو الآخر ..
ها أنت ذا قد عدت إلى عالمك الذى تحمله على كتفك ، أتذْكره !! كنتَ قد استرحت منه بقدومها ، لكنّه أتاك الآن محمّلًا بالكثير من النجوم الثقيلة داخل عقلك .
إنّ الكون يتلاشى عزيزتى 
دعينى إذًا ..
أقطف نهدَيْكِ 
ولنتساقطْ إلى أرضٍ أخرى 
ونهربْ من هنا ..
اسكبى علىّ خمر شفاهك 
لعلنا نغدو سكارى 
ولا نشعر بأجسادنا ..
عزيزتى 
لا تتركينى ها هنا ..
لا تتركى الأحلامَ
تغدو سرابا ..
لم تعتد الأشعار 
يومًا غيابا ..
لم يعتد الكون 
أن يصبغَكِ رماديًّا 
إنك المشرقة هنا 
أوقفى ذاكَ الذهابا ..
عزيزتى ..
الكون يتلاشي بى 
وحدى ..
والنجوم تنفجر بداخلى 
وحدى ..
والسماء تمطر آمالنا التى 
أودعناها لها 
وتتساقط علىّ 
وحدى ..
إنّنى للمرة الأولى 
بعد أن أحيَيْتنى 
وحدى .. 
كتابة : أحمد عبدالخالق
https://www.facebook.com/ahmed.abdelkhalek.397
الصورة : 
m.facebook.com/mahamoud.saad.5

Ahmed Abd El Khalek