ألا ليتني غيمةً تطوفُ بأرضِها
فتَعرِفُ ما حَلَّ في دارِها شَرقا
أو لَيتَني طَيراً ما رَقَّ جَفنُهُ
وَلا استَراحَ على أَرضٍ ولا أَبقى
 فُؤادي قَد أَشبَعَهُ الهوى حَرقاً
وأذواهُ بُعدٌ عَن حَبيبٍ كَما أَشقى
وعَقليَ عَقلٌ مُستَقِرٌ على الفَلا
ودائي بِقَلبي مَنْ ذا يَرتِقُ الفَتقا
حَبيبي لا يُشبِهُهُ في الأرضِ عَرضٌ
فجوهرُهُ نُورٌ في زُجاجِ المدى رَقّا
إذا حَلَّ في لَيلٍ يُنيرُ اللَّيلَ ضَوؤه
على شَكلِ أَقمارٍٍ فيَصفو الدَّربُ للغَرقا
ولكنَّني أغشاني النَّورَ نُورُهُ
فَأَغرَقَني خَمراً وأَسكَرَني ذَوقا

ألا ليتني - أحمد السعيد

أَلا يا حَماماتِ الأَراكَةِ وَالبانِ ** تَرَفَّقنَ لا تُضعِفنَ بِالشَجوِ أَشجاني
تَرَفَّقنَ لا تُظهِرنَ بِالنوحِ وَالبُكا ** خَفِيَّ صَباباتي وَمَكنونَ أَحزاني
أُطارِحُها عِندَ الأَصيلِ وَبِالضُحى ** بِحَنَّةِ مُشتاقٍ وَأَنَّةِ هَيمانِ
تَناوَحَتِ الأَرواحُ في غَيضَةِ الغَضا ** فَمالَت بِأَفنانٍ عَلَيَّ فَأَفناني
وَجاءَت مِنَ الشَوقِ المُبَرِّحِ وَالجَوى ** وَمِن طُرَفِ البَلوى إِلَيَّ بِأَفنانِ
فَمَن لي بِجَمعٍ وَالمُحَصَّبِ مِن مِنىً ** وَمَن لي بِذاتِ الأُثلِ مَن لي بِنَعمانِ
تَطوفُ بِقَلبي ساعَةً بَعدَ ساعَةٍ ** لِوَجدٍ وَتَبريحٍ وَتَلثُمُ أَركاني
كَما طافَ خَيرُ الرُسلِ بِالكَعبَةِ الَّتي ** يَقولُ دَليلُ العَقلِ فها بِنُقصانِ
وَقَبَّلَ أَحجاراً بِها وَهُوَ ناطِقٌ ** وَأَينَ مَقامُ البَيتِ مِن قَدرِ إِنسانِ
فَكَم عَهِدَت أَن لا تَحولَ وَأَقسَمَت ** وَلَيسَ لِمَخضوبٍ وَفاءٌ بِأَيمانِ
وَمَن عَجَبِ الأَشياءِ ظَبيٌ مُبَرقَعٌ ** يُشيرُ بِعُنّابٍ وَيَومي بِأَجفانِ
وَمَرعاهُ ما بَينَ التَرائِبِ وَالحَشا ** وَيا عَجَباً مِن رَوضَةٍ وَسطَ نيرانِ
لَنا أُسوَةٌ في بِشرِ هِندٍ وَأُختِها ** وَقَيسٍ وَلَيلى ثُمَّ مَيٍّ وَغَيلانِ
لَقَد صارَ قَلبي قابِلاً كُلَّ صورَةٍ ** فَمَرعىً لِغِزلانٍ وَدَيرٌ لِرُهبانِ
وَبَيتٌ لِأَوثانٍ وَكَعبَةُ طائِفٍ ** وَأَلواحُ تَوراةٍ وَمُصحَفُ قُرآنِ
أَدينُ بِدَينِ الحُبِّ أَنّي تَوَجَّهَت ** رَكائِبُهُ فَالحُبُّ دَيني وَإيماني

أَلا يا حَماماتِ الأَراكَةِ وَالبانِ - محيي الدين ابن عربي

كُنَّا نَغْرِفُ مِنْ وَسَطِ المَاءِ المَعنى
كانَ المَاءُ مُشاعًا وكانَ الله مُشاعًا
وَكانَ العَرشُ عَلى الضِّفَّةِ
يَغْرِفُ مِنْهُ الفُقَراءُ 
صارَ العَرشُ بَعِيدًا
وَالحَقُّ يُباعُ بِمَزاداتِ المَاءِ
وَالنَخَّاسُ يُطَوِّقُ نَهرَ الحَقِّ
وَيَبيعُ الجَنَّةَ بِحَدائِقِها لِأَقارِبِهِ
وَيُلْقِينا فِيْ النَّارِ الجِيرَانُ
مَاذا بَعدُ؟
وَرَأَيتُ الله يُمَجَّدُ فِيْ سُوقِ الحَربِ
فَقُلتُ بِأنّي فِيْ رَبِكَ حَيرانُ
مَاذا بَعدُ
حِينَ تَقُولُ بِأَنَّكَ مِنْ أَهلِ الحَقِّ
وإنّي، إنَي شَيْطَانُ
يَا هَذا، لَكَ رَبٌّ فِي السُّوقِ فَبعهُ
وَلِي بَحرٌ مَعَ رَبّي فِيْ الحُبِّ
لا سُوقَ لَهُ
لكِنَّ لَهُ دَمْعِي
وَيَكفِينِي، وَتِكفِيهِ الأَحزَانُ

رَبٌّ فِيْ السُّوق - أحمد السعيد

أنا من لم تنله العيون
وأنت الذي ما طرقت المدى

فأنّى لقيد يرى المُطلقات
ولم تتسع حارساتُ الصدى..!

أنا في التفات العيون التي
رأت في اختلاط القريبِ العِدا

وفي الحب من ألم جارحٍ
يُخلِّفُهُ الشبق المفتدى

وإن كان من فرحة بالوليد
كذاك له من رثاء الحدا

كأن بإبلٍ وباديةٍ يُغنّـ
ـي لها الشيخ يوم الرَّدى

وإن الغني إذا ما نظرتَ
غنيٌّ ولكن فقط بالرِّدا

وذو شرفٍ كوامِنه تسـ
ـاوي العُريَّ إذا ما ارتدى

فمن جاء جاء به حزن
ويرجو القناعة أن يسعدا

أهل تبحث الآن بين العباد
عن الأمر الذي شاء أن يعبدا؟

إذا رُمتَ حقًا فكن مفردًا
كما سار ربك ذا مفردا

وعِش عزلة الحق كن جلمدًا
ووحّد بقلبك إن وحّدا

يراك المسيح على ملة
ويهوى اليهودي من هوّدا

وقال المُسلِمُ طِفْ كَعبةً
وقبل بها الحجر الأسودا

فكل يقبل أوثانه
على الحِسِّ أو كان قد جَرَّدَا

وربُّكَ منك إذا ما نظرتَ
فذا في الكنيس وذا مسجدا

فجاهد تُشاهدُ ربَّ الصِّفاتِ
وحلوًا سيبدو لك المشهدا

القصيدة الدالية على الفتوحات المكية

مثقلٌ وجه الصباحْ

لا صوتكِ يمضي على هذا الزحام الخاوي

ولا الديكُ طوى هذا المساءَ وصاحْ

عيني بكِ ضحكاتُها الملساءُ

ينساب منها الآن دمعٌ

والناي بعد آذان فجر الله يخطو مفردًا

والنوحُ في كل الجهات مباحْ

زوري فقيرًا متعبًا في ليله

ألقي عليه قميص يومكِ يوسفيًا أو وشاحْ



يا أنتِ يا شبح اللقاءات الفريدةْ

يا أنتِ يا روحًا تربع عرش قلبي

أينما وجهّتُ وجهي قلتِ لي:

إنّي هنا

فاسترخِ من تعب المضي

إلى الأمامِ، خلفًا، شمالًا، مَشرقًا

إني هنا

فخلع حجاب القلب

وأخلعني عليكَ

ينقلب صدّي سماحْ



يا حبيبًا مر بي عمرًا وجيزًا

فاستوى دهرا على الذات

صير الماء نبيذ

ألهم اليرقات اتخاذ الأجنحة

طوّق الأحرف بالمعنى

زوّد الساحر بالسحر اللذيذ

أخرج الحي من الميت

زود الشِعرّ حبالًا

فاستعذتُ من فراقي بالمعيذْ



إنني الآن وقد لاقيتكِ

كيف بي أن ألقي العمر في الجب

يلتقطه بعض سيارة؟

كيف بي أن أهمسكِ سِرًّا

وجهارًا يلتقط الغيرُ المعاني

من شعورٍ أو حروفٍ أو إشارة؟

- شعر وإلقاء أحمد السعيد

مُثقلٌّ وَجهُ الصَّباح

قصيدة النفس لإبن سينا أداء أحمد الحويلي

هَبَطَتْ إِلَيْكَ مِنَ المَحَلِّ الأَرْفَعِ (قصيدة النفس لابن سينا)

(١)

لك شامةٌ تذوب فيها رجفتي
يقف ارتباكي
ثم ينهمر الكلامُ


لستُ الذي يهبُ النساءَ قصائدًا
لكن لكِ كل القصائدِ خُتّمتْ
ولها على الأختامِ شمعٌ أحمرٌ
ولها وسامُ


لا حزب لي
لا دولةً للكائناتِ المُرقمات على الصحائف
وليس لي مع كل أعلام الكلام وئامٌ

أنتِ وئامي .. أو ربما أنتِ سؤالي


(٢)

لم أخلق الذات التي أبغي 
لأختلق الجوابَ الوهمَ من بين الحقائق
أو ألبس الثوب الذي لا أرتدي
فليس لي في ذلك اللبسِ المصاغِ سوى التباسي


أهذي لأهدي طفل قلبي داخلي بين الطوائف
واحدًا فردًا يقاوم أو يقامر للتأقلم والجموع
أهدي لأهذي ذاتي الملقاة
أحملُ الوجه المقابل للجواب بما يفيض
من دلال الله في فيض السؤال


فالجواب إلى الجموع على الفيافي
والسؤال هو اقتحام الوجد فردًا
والخروج من الجموع إلى المنافي



هذيان - شعر وإلقاء: أحمد السعيد

تُراني أحبكِ - كاظم الساهر (مسرح بيون الدانة البحرين - 2025)

من ديوان الوجد: يمر الزمان بآناته قصياً وتزدحم الأسئلة
ومن نقطة البدء إلى نقطة المنتهى تلف الغيابة سرَّ الكلام. فيغدو الجواب سؤالاً والكلام امتثالاً. وتضيق العبارة عن خبرٍ لا تراه الحروف.
سألت... وكم اخطأ السائل القصد. فكان الجواب حروفا. والحقيقة لا تُجتلى بالحروف. فالحقيقة شوقٌ. والكلام اقتحامٌ. والبداية في نقطة الباء لا نقطة البدءِ. ومن قال إن الولادة بدءٌ. فالولادة موت. والموت نهر الحياة انبعاث الخليقة من محوها إلى صحوها. به تتجلى وفود السماء لأربابها. تطلُّ على ساحة الموت يوم النشور. حيث الغياب نشور لا يكرر معنى السؤال. وفي لحظة الغيب تحيا الإشارة.

وحدة شهود..هادي العلوي - أداء: أحمد السعيد

أيها السكران زد صحوا بسكرٍ وإنتباها
وإشتر الكأس بدنياك تزد مجداً وجاها
واكتشف بالخمر معناك الذي بالعقل تاها
وابلغ العمق الذي فيك تجلى وتناهى
وارتشفها لترى النور استوى فيك إلها
وامحُ ما فيك من الأوصاف شكّاً واشتباها
وامتزج في روحه عشقاً فما أنتَ سواها
وانشغل عنه به وجدا وأحزانا وآها
جئت للأرضِ لكي تُخرج في الصمت شفاها
ولكي تبجس في الصخر لأشجارٍ مياها
ولكي تُلبِسَ عصفوراً أمانا ورفاها
لا تكن إلا كما شئت إختيارا وإتجاها

أيها السكران زد صحوا بسكرٍ وانتباها - أحمد السعيد

مختارات من الأدب الصوفي

لا تسأل عن الأشكال إن عرضت وإن نفرت فأنت اليوم إنسيٌّ ومن معناك معنى الأنس مشتقٌّ خرجت إلى الخليقة عاريا والفكر سواح وللإيمان ألوان رمادية: فهل تقنع بالنسبي؟

هادي العلوي: إن النار تسعى نحو قطر الشمس - أداء: أحمد السعيد

الحرفُ حجابُ المعنى
وكتابك حبرٌ يحجبُ عَنكَ الرؤيا
أرخي صوتك لأرى سر الشوق 
ما بين العشاق وليلى
فلغةُ المجنونِ مجازٌ
يعبرُ منه الحرف فيغشى
الكون اختلط الحبر عليهِ
فالبرد حريقُ والنار صقيعٌ
والكلُّ احتار ما بين الشِعرِ وليلى
... سيسأل قلبك أين الله؟!
يجيب الأول: إنظر لكتابك، فالحرف يحمل سر القُربى
يجيب الثاني: كاتبك سر فيك، أين تولي وجهك فيه يولى
فقلت بقلبٍ صوفيٍ: إنّي مجنونٌ وحبيبي في القلب تجلّى
من يعرف كنه المعنى؟ من يعرف كنه المعنى؟!

الحرف حجاب المعنى - أحمد السعيد

على خديك تطوف النجوم
كأنهما فلك
وإني عاشق ضوءيهما
يا لعينيك قمرين
وأني كوكب
لا يدوران علي
بل أنا حوليهما

فلتفيضي من جمال الوجد
ما فاض عليكِ
من شراب الله
من سحاب الله
أمطاراً
لأُروى منهما
ألستِ تدرين
بأن الوجد إن فاض علي
تتوارى الكلمات
وتجف أحرف التاريخ 
واللغة الأم تصبح نسياناً
وأهوي منهما

قال شيخي
أذا اتسع المعنى
ضاقت العبارة
وعبارتي لا تعبر البحر
من العقل إلى العقل
وأسمالي تهرئها الرياح الذاريات
ونجومي لم تعد رجوما للشياطين
ففي الضدين
أراكِ وأراني
واصطفاني واصطفاكِ
وبقينا نركب الزورق المثقوب
لكي ننجوا من سلاطين السماء
وسراق الضمائر
وفساد الحالمين الطامعين
لي الحاضر
ولي أنتِ
وكلام الله
عندما أوقفني
وقال
عش وسالم كل مخلوق وخالق
ولا تقتل بأسمائي أسماءً
ولا تتبع النساكَ
وتقليد الرجال
ولا هدي الدوائر

سيدي
كل ما شئت هنا
لا كما اخبرتني
فهل اخترت رجالك؟
ام تراك
عندما قررت خلقي اخترتني؟ 
ثم صار العقل مخلوقا وخالق! 
ام تراك اخترت
أن ترقد في صمتٍ؟ 
وأصبحنا مثل ذرات الهواء
تتهادى نحو مائك
سيدي!
قلت لي:
لا تقل لي سيدي
الحبيب الند لا الضد
والعبد والسيد ضدان
وإني متحد
مثلما أنت تراني
هاأنا صرت أراك
فإذا حدت أحد
فاتحد بي
لترى مائي هواء
وترى الأرض سماء
وأنا... بينهما

Ahmed Alsaeed

Popular tracks