كلمات منى أحمد 
وداع الكتاب يشبه وداع ضيفٍ عزيز، ألفته وأحببته طيلة إقامته، حتى ظننته من أهل دارك، فإذا ما حل وقت الرحيل، تألمت وودعته وداع من لم يكن يظن المفارقة.. 
هكذا كل كتاب نعيش معه بوجدانٍ خالص، وروحٍ صافية، جردتها الكلمات والأوراق من كل شيء سواهما.. تنهمك فيه حتى تقضي على صفحاته، فإذا ما أوشكت على الإنتهاء رجوت في داخلك لو طالت الصفحات قليلا، ولو ازدادت الكلمات شيئا يسيرًا..

غير أن الكتاب ضيفٌ من نوعٍ خاص، تستحيل معه الضيافة العابرة إلى صداقةٍ أبدية.. لا ينفض يده منها حتى تنفضها أنت، حتى وإن انقضت لحظاتها الفعلية، فإنك تحيا من بعدها على خفقان قلبك كلما مر عنوان الكتاب.. وعلى توقد ذهنك كلما تذكرت أحد عباراته، وعلى استحضار كل انفعال عاطفي ونفسي تحملك فيه ولم يضجر، وعلى علاقة خيالية بينك وبين مؤلفه -ذلك الذي بذل لك بعض روحه بين طيات كتابه- علاقة ليس لها وجود حقيقي سوى في مخيلتنا نحن..
والحق أن بعض الخيال يغني عن كل واقع، وبعض الصداقات تغني عن كل الضيافات، وليس أوفى من صديق إن هجرته العمر كله وأخطأت في حقه كل خطأ؛ ثم عدت إليه -بقلبك- كان أول المستقبلين، وأشد المُحتفين، وأخلص الجالسين.. يبقى على الود ولا ينكره، ويحفظ العهد ولا يجحده

Ahmed Deyaa 2

Popular tracks