فكّر بي // نص أسما كريدي// الأداء الصوتي آلاء أبو عرقوب

.مقتطفات متنوعة انتقيتها من روايات  للكاتب القدير الفلسطيني حسين البرغوثي

مقتطفات ل  حسين البرغوثي-بصوت بيسان

رياض الصالح الحسين _ الرجل السيء_هناء الفقير

كنت أوّد أن أكتب جيّداً في النهاية ، أقصد بالنهاية حين توقفّت عن انتظارك ، وانتظار بومّة سكرانةً تتخبّط يميناً ويساراً تحمل رسالة واحدة ،مهترئة منك ، في فوضى الليل ، واندماج الروائح الكثيرة ، انشغال الطريق بالسيارات المُسرعة ، والأضواء التي تحاول بظلها أن تتحرك بأكبر قدر تعرفه ، أو بالقدر الذي يُسمح لها ، فتتمنى في لحظة ما أن تكون أطول قليلاً ..
أجلس على بعد خمسة سنتيمترات من الرأس ، أخاف أن أقترب فيجتاحني السواد ، وتصبح صورتك على هاتفي المحمول ضبابية ، أضلّ في المنطقة الآمنة -حيث يسعني أن أرى وجهك" ، وجهك الذي يُعينني على الروائح والسيارت والأعمدة المتذمرة طوال الليل 
أبتعد عن الأشخاص الذين يشبهونك في شيء ، أوّد أن أذهب إليهم وأخبرهم بالأشياء التي عجزت عن إخبارك بها ، لكنني أيضاً أُؤمن ، أن الجحيم الذي وجدُته فيك ، سأجده في كل ما يتعلق بك ، في صورك ، وانعكاس وجهك على الزجاج ، في الملامح المُتشابهة على هذه الوجوه،لأن الجحيم لا يسعه أن يتركنا بخير ..
يُباغتني القمر بدورة ماكرة ، يُساعد فيها الظلام أن يمتّد لي ولك ، أبتعد تدريجياً وبطريقة ثقيلة ، أزحف على الضوء هرباً من الأهوال التي ستظهر حين يختفي ، إنّ هذا الأمر يُتعبني ، أن أتحرك ، وأبتعد بك عن الشرّ ، أن أُدافع عن صورتك من الضباب ، من البرد والسيارات المجنونة ، يُتعبني أنني وحدي من يحمل هذا الحب التافه ، وحدي من يستمر على حمله والمضي به في الشوارع المُخيفة ، وحدي من أُبرر للعالم أنّنا سعداء معاً ، أنا وصورتك ، أو وجهك أو جحيمك أو مهما كان هذا الذي استطعت الحصول عليه ، منك ...
إنني أكره أن أتذمّر حينما يتعلق الأمر بك ، أن أشتكي من الانتظار والجفاء والصمت ، أن أطلب الحب كما يفعل الجميع ، أكره أنّ أُذكرك كيف تُحبني ، لأنني أعلم أنك تكره ذلك ..
لا أكتفي منك ، ومن الأشياء التي تُذكرني بك ، أكذب لو قلت أنني سعيدة بصورتك ، وبضحكتك ، أنني سعيدة بالليلة التي جلسنا فيها معاً نهرب من ظلّ عامود الإنارة ، ونغني "سيرة الحب" تحديّاً لجميع الأصوات التي أوجدها الله لتتحدث ليلاً ، نغني بنشاز فتبدو أصواتنا كبوقٍ تجاوز المئة عام في خزائن الموت ..
بدأ الأمر يتحوّل لنكتة سخيفة ، وتبدو المشاعر من هنا - من الرصيف الضيّق وشبه المظلم-باردةً وغير قادرة على المُضي أكثر من ذلك ، لا أُنكر أن المشاعر لا تُدعى مشاعر إذا لم تكن أنت الجوهر ،لم أعدّ أُجيد لملة حديثي ، ولم أعد أستطيع البقاء هنا ، متمسكة بوهم صورتك وخيالاتي السيئة ، لقد أقسمت ألّا أكتب لك ، حتى يبتعد الظلّ قليلاً ، هرباً منك ، حتى يأتي الصباح ، وتُغني العصافير مع صوت خطوات قدميك ..
"أم شعاع الفجر يجلو عن ليالينا الرُكاما" 
وأخيراً يُبهجني أنني لا أزال أكتب بطريقة مضطربة ، ضائعة وغير مفهومة ، لأنّ هذا هو المراد حين يقرأ الجميع وتقرأ أنت ، لأنك تعرف متى أردت علامة السؤال والتعجب وأكثر من ذلك متى أردت أن أقول " أحبك" ...

الليلُ مع وجهك ..

تمشي طوال حياتك -- كورت توخولسكي

بسببِ غيمةٍ على الأرجح - - - وديع سعادة

مطمئناً إلى نهاياتنا//صادق مجبل//الأداء الصوتي //الاء ابو عرقوب

لم أتزوج بعد : نص وأداء صوتي الاء أبو عرقوب

لم نكن على موعد /محمود درويش/ الأداء الصوتي الآء أبو عرقوب

إننا لا نستطيع أن نعي حجم الخسائر التي تكبدناها عندما انفصلنا عن الطبيعة. أقول لا نستطيع، لأننا ببساطة لن نتذكر. نحنُ جيل الإسفلت المسلح، مدن الإسمنت، السيارات السريعة، ناطحات السحاب، التلوث الضوئي، الهواتف الذكية وتطبيقات التواصل الاجتماعي بسعارها المجنون نحو إثبات وجودٍ هش وعديم المعنى. نحن جيلٌ ولد ببوصلة مكسورة، ولا يستطيع أن يتذكر العالم قبل الانفصال عن الطبيعة. مثل بطل جورج أورويل في 1984 الذي يريد أن يتذكر؛ هل كان العالم قبل الثورة أفضل أم أنه بالسوء نفسه؟


ومع ذلك، في حصة الرسم وفي كل حصة فراغٍ في المدرسة، كنا نرسم ذلك الكوخ، أعلى الجبل، وثلاثة من أشجار التنوب العملاقة، ولا ننسى النافذة المستديرة في العلية حيثُ سرير هايدي المصنوع من التبن.

في مكانٍ ما، كنا نعود دائمًا إلى الكوخ الجبلي ونؤثر أن نرسمه على أي شيء آخر، كأنه بيتنا نحن، كأننا ما غادرناه قط. وكانت معلمة الرسم تأتي في نهاية الحصة لتختار اللوحات التي تعلقها، لوحات ينسخ بعضها بعضًا من فرطِ التشابه؛ لم يرسم أيّنا بيتا إسمنتيًا بثلاثة طوابق، بسورٍ عالٍ، في حيٍ سكني. لقد كنا نعرفُ منذ البداية بأن البيت الحقيقي موجود في أعلى الجبل، وكلاهما موجودٌ في رواية.

يشبّه راي برادبيري الفنانين والشعراء بطيور الكناري المحبوسة في مناجم الفحم. كان صمتُ تلك الطيور هو المؤشر على ارتفاع نسبةِ الكربون في هواء المنجم، وعلى ضرورة أن يغادر الرجال المكان إلى سطح الأرض لكي يعبوا من الهواء النظيف، وكانوا يعرفون جميعًا أنهم لو تأخروا، فقد يموتون جميعًا.

إن الفن والأدب هو جهاز إنذار، ربما ليس صاخبًا مثل صفارات الحروبِ وأنظمة الحريق، بقدر ما هو عصفورٌ ينفق في قفصهِ مختنقًا قبل أن يموت البقية بقليل. وفي عالم ما بعد الطبيعة هذا، أعتقدُ بأن طيور الكناري ماتت في أقفاصها منذ زمن طويل، ولكنّ أحدًا لم ينتبه.

الصمت الأخير للكناري - بثينة العيسى

صوت: جواد

صورة: https://www.artstation.com/artwork/2x9oLy

موسيقى: https://soundcloud.com/mashaill/unis-abdullaev-gentle-dawn-5

نص: 

إنك تأمريني بأن أتحلّى بالشجاعة . طيب يا ملاكي الرقيق ، أنا أعلم أنه لا بد للمرء من الشجاعة . لكن فكري أنت في الأمر يا ماتوشكا ، و اقطعي فيه برأي : ما الحذاء الذي أذهب به غداً إلى العمل ؟ تلك هي المسألة يا ماتوشكا . هذا أمر يمكن أن يقتل المرء قتلاً ، يمكن أن يدمر المرء تدميراً كاملاً ، لا سيما و أنني لا أتألم على نفسي فحسب ، و لا أتعذب من أجلي وحدي . ثم إنه يستوي عندي أن أخرج بلا معطف و لا حذاء في هذا الجو البارد و هذا الصقيع المتجمد ، أنا قادر على احتمال ذلك مستعد لقبول كل شيء . فأنا إنسان بسيط ، إنسان صغير ، و لكن ما عسى يقول الآخرون ، يارب ، ما عسى يقول أعدائي ، ما عسى تقول هذه الألسنة الطويلة كلها حين يرونني أخرج بلا معطف ؟ من أجلهم ، من أجل الناس ، إنما يضطر المرء إلى ارتداء معطف و انتعال حذاء أيضاً . من أجل الناس إنما يتجمل المرء بهذه الأشياء ما في ذلك ريب . فأنا إذن في حاجة إلى حذاء ، يا روحي ، يا ماتوشكا ، صوناً لشرفي و محافظة على سمعتي ، صدقي يا ماتوشكا أن الحذاءين المثقوبين يسيئان إلى شرفي و سمعتي كليهما ، صدقي تجربة عجوز عاش طويلاً و عرف العالم و اختبر الحياة و خبر الناس . صدقي ما أقوله لك أنا ، لا ما يكتبه أولئك المخربشون الذين يسوّدون صفحات طويلة و يُسّمون أدباء .
- فيودور دوستويفسكي | الفقراء

30/04/2020

مقتطفات ل حسين البرغوثي-بصوت بيسان

Baiisson

Recent comments

رنيم

Related tracks