لقاء جمعية عشاق الكتب بسوسة مع الكاتب التونسي حسونة المصباحي

من  المهم في البداية أن نقص عليكم الفكرة التي انبثقت منها لقائنا ، وهو الكتاب الذي قرأناه بعنوان " مسألة موت وحياة " لإرفين د يالوم ومارلين يالوم.
تعود قصته هذا المؤلف المشترك إلى سنة 2018 حين اكتشف الأطباء إصابة الباحثة في علم النفس والجنس مارلين يالوم بمرض خطير ، لن تستطيع العيش كثيرا بسببه ، فتطلب من زوجها عالم النفس الوجودي إيرفين دي يالوم تأليف هذا الكتاب , من أجل أن يواجها قدرهما بدون ندم ، أي أن تموت مارلين موتا جيدا ، وأن يتمكن إيرفين العيش دونها لاحقا.
هذا الكتاب "المؤثر" كان الشرارة الأولى ، لكي نفكر في الاشتغال على تيمة " الأدب : الموت والحياة. 
وهنا نعتقد أنه من الضروري أيضا أن نكشف عن إرادتنا من وراء هذا اللقاء الذي يمكن أن نختصره في الجملة التالية " يجب أن نقرأ كلمة موت بدون مدلول سلبي " كما نبهنا إلى ذلك الشاعر الألماني الذي " قتلته وردة " رينيه ماريا ريلكه.
وهذا ما جسده كتاب كثيرون ، محمود درويش في جداريته التي جاءت مفعمة ببلاغة الحياة، كما مواطنه الفلسطيني الأخر حسين البرغوثي في " سأكون بين اللوز " حينما كتب " كنت أحاول رؤية الحياة وإدراكها بعيون شاعر يقف وجهًا لوجه مع الموت " ...
سنسلط الضوء إذن عن مبدعين وقفوا قبالة الموت وجهاً لوجه، وشهدوا على ما شاهدوا ، فقاموا بتجريده من جانبه المأساوي، فلا تعرف ما إذا كنت تقرأ نشيداً في وداع الحياة.
" ماذا نفعل أو نقول مع الموت ؟ عشنا في حداد ، خاصة ليلى .. لكن الحياة لا تقبل الحزن أو الانغلاق : علينا أن نحمل الجرح في الأعماق ونتابع السير ، نتابع الوهم . نتابع الحلم بطفل وطفلة أخرى . إنما مثل هذه التعثرات الملموسة هي التي تجعلنا ندخل في علاقة حقيقية مع الحياة " هذا ما كتبه محمد برادة في رسالة إلى صديقه محمد شكري في الفترة التي فقد فيه الناقد المغربي طفلته .
إيزابيل الليندي هي الأخرى فقدت ابنتها باولا وكانت الكتابة بالنسبة إليها علاجا للشفاء من الأحزان ، لذلك أنجزت كتابها " باولا " خلال ساعات لا حصر لها، قطعتها في ممرات المستشفى بمدريد، ثم انتهت من كتابته وهي قرب سريرها، تحديدا في منزلها خريف عام 1992 في مدينة كاليفورنيا.
وهذا ليس ببعيد في الحقيقة عن رواية " العيش بسرعة " للفرنسية بريجيت جيرو الحائزة على جائزة الغونكور منذ أشهر قليلة، فهي مدينة " لموت زوجها " الذي حقق لها هذا النجاح الأدبي الكبير ، إذ تستعيد في الرواية وقائع حادثة سير تعرّض لها في عام 1999. 
وعلى مقربة من التجارب الفرنسية والجوائز الكببرى ، كان وفاة الأب بالنسبة إلى أني إرنو أيضا حدثا مهما ساهم في بلورة مشروعها الأدبي الذي نالت عنه جائزة نوبل الأخيرة . " المكان " الذي جاء ردّ فعل على وفاة أبيها، تقول أني إرنو "هذا الكتاب ولد من وجع ، وجع أتاني فترة المراهقة ، عندما قادتني المتابعة المستمرة للدراسة ، ومعاشرة زملاء من البورجوازية الى الابتعاد عن أبي، العامل السابق ، والمالك لمقهى و بقالة . وجع بدون اسم خليط من الشعور بالذنب والعجز والتمرد . وجع مخجل ، لايستطيع الانسان أن يصرح به او حتى أن يشرحه لأحد . كان موت أبي المفاجئ سنة نجاحي في مسابقة الاستاذية حدثا فاجعا . وراء الحزن غمرني يقين " بخيانة طبقية " لذلك ستسعى الفتاة النورماندية إلى كتابة " المكان " كي تتحدث بلغة الأب وتنقل حياته وعالمه، ومن هناك امتدّ مشروعها الأدبي الذي توجت فيه بجائزة نوبل في نسختها الأخيرة.
أخيرا وحتى نقدم ضيوف هذا اللقاء ، يمكن البدأ بالمهندس معز نعيجة ، ولعل التنصيص على صفة المهندس مقصودة، لأن هذا الرجل المغرم بالقراءة والسينما ، وجد نفسه يخط كتابه الأول بعد وفاة زوجته ، معنونا إياه " قصة عشق في الزمن الضائع " وكما هي إشارة العنوان ، فإن الكتاب هو كتاب عن الحب القوي الذي جعل منه كاتبا بالقوة أيضا.
أما ضيفنا الثاني فهو الشاعر أشرف القرقني الذي هو الآخر بصدد كتابة "هذا يعني أنّك لن تأتي اللّيلة: يوميّات الحداد" (مخطوط)، الخاصة بوفاة والده السنة الفارطة. 
 إضافة إلى ترجمته كتاب رسالة إلى د لأندريه،وهو الكتاب الأخير الذي سلمه المفكر والصحفي النمساوي لناشره قبل أن يعود لمنزله وينتحر مع زوجته المشرفة على الموت بسبب مرض خطير. 
إذ سنكون سعداء بحضورهما للحديث عن تجربة الكتابة وكتابة التجربة الخاصة بهما ، إضافة إلى تقديمنا إلى مجموعة من الكتب والتجارب التي تتنزل في هذا الإطار وهي في جلها نصوص عصيّة على التصنيف ، نظريّة وشاعريّة في آنٍ واحد، ليست روايات أو سيرَ ذاتية ضرورة، بل بحث عن حقيقة فردية، وربما خلاص يمكن لأي شخص بدورهِ أن يخوضه".



لقاء جمعية عشاق الكتب بسوسة مع الكاتب التونسي حسونة المصباحي

Bibliophiles Sousse

Related tracks