تقول أسطورة شجرية: في الحلم نتبادل الأدوار مع اللحظة، نباغتها ونؤبدها، نعبر بها قبل أن تكون العابرة
____________________________________________
لسيدةٍ من شمالِ الشمال
يقولُ لها القلبُ ما لا يُقال
لشاهقةٍ أسدلتْ شعرَها
أراجيحَ يلعبُ فيها الهلال
لبيضاءَ إن لوّحت مرةً
تزورُ الثلوجُ أعالي الجبال
لضاحكةٍ كسّرت صوتَها
فأينعَ فيه النبيذُ الحلال
لنائيةٍ كتبت رقمَها
على فكرةٍ لن تمرَ ببال
لسيدةٍ لم تكنْ، إنما
سيخلقُها في الخيالِ الخيال
تجيءُ ولا ماءَ إلا الظما
تعودُ ولا شمسَ إلا الزوال
ولا بحرَ يتبعُ أمواجَها
فلن يسعَ البحرُ هذا الجمال
ولاظلَ والنرجسُ المنتمي
إلى نفسه لا يحبُ الظلال
حنانيكِ ياخطوةً خطوةً
تُربي اللظى في صدور الرجال
حريرٌ هو الصمتُ مابيننا
عميقٌ هو المشيُ فوقَ الحبال

أنا غارقٌ غارقٌ غارقٌ
أفكرُ في نجمةٍ لا تُنال..

عابرة - محمد عبدالباري

"نُظمت على إثر العودة من الغربة القسرية التي فرضها الطغاة"
عاد الغريب بشهوة عناق هذه المدن المتعبة، شهوة التمدد أمام أرصفتها المتبقية والإصغاء لألحان عصافيرها وأشجارها، ناذرًا عمره الباقي للبحث عن الشقّ الثاني لنصف صورة قديمة في جيبه، لم يجده تحت أي رصيف.
________________________________
حلفتُ بالشامِ هذا القلبُ ما هَمَدا
عِندي بقايا من الجمرِ الذي اتّقدا
أُلَملِمُ الجمراتِ الخُضرَ مِن كبدي 
وأسترِدُّ الصِبا والحُبَّ والكَبِدا
تحنو على اليأسِ في قلبي فتغمرُهُ
نورًا وتُبدِعُ فيهِ الصبرَ والجَلَدا
فَديتُ جَفنَينِ من سَكبِ الدُّجى اكتحلا
إذا سَهِدتُ على جمرِ الغضا سَهِدا

عادَ الغريبُ ولم تظمأ سريرتُهُ
فقدْ حَمَلتُ بها في غُربتي بَرَدى
مَن روّعَ البُلبُلَ الهاني وأجفَلَهُ
عن أيكِهِ وسقاهُ الحَتفَ لو وَرَدا
جلانيَ الظُلمُ أشلاءً مُمزّقةً
واحتزَّ أكرمهُنَّ: القلبَ والوَلدا
تُصغي النُجومُ إلى نَوحي فَيُسكرُها
يبكي الهزارُ ويبقى مُسكِرًا غَرِدا
الحانيين على قلبي ولوعَتِهِ
يُبدِّدانِ مِنَ الأحزانِ ما احتشَدا

دَعُوا كرامتيَ العصماءَ نازِلةً
على الشُموسِ تُذيعُ الحُسنَ والرَأَدا
كرامتي الحَجَرُ الصَوّانُ ما ازدُرِدَت
إلا لِتَهشِمَ أنيابَ الذي ازدَرَدا

يَسومُنا الصَنَمُ الطاغي عْبادَتَهُ
لَن تَعبُدَ الشامُ إلا الواحِدَ الأحَدا
وُجهُ الشآم الذي رفّت بشاشَتُهُ
مِنَ النَعيمِ لِغيرِ اللهِ ما سَجَدَا 
تفنّنَ الصَنَمُ الطاغي فألفُ أذى
وألفُ لَونٍ مِنَ البلوَى وألفُ رَدَى
أنحى على الشامِ أريافًا وحاضِرةً
فَلَم يَدَع سَبَدًا فيها ولا لَبَدا
هذا المُدِلُّ على الدُنيا بْصَولَتِهِ
ما صالَ إلا على قَومي ولا حَشَدا 
لو استطاعَ محا أمجادَنا بَطَرًا 
لَم يُبقِ منهُنَّ لا بدرًا ولا أُحُدا

دَعِ الشآمَ فَجَيشُ اللهِ حارِسُها
من يَقحَمِ الغابَ يَلقَ الضَيغَمَ الحَرِدا
عزَّت على كُلِّ فِرعون عَرينَتُها
ما رُوِّضَت ويُرَوِّضُ القانِصُ الأسدا
تقحّمَتْ كِبريائي يَومَ مِحنَتِها 
ما سامِعُ المِحنَةِ الكُبرى كَمَن شَهِدا

يا راقدَ الثأرِ لم يأرَق لِجَمرَتِهِ
جَيشُ الشآمِ عنِ الثاراتِ ما رَقَدا
المُطمَئِنُّ وُجمرُ الثأرِ في دَمِهِ
خابَت رِياحُكَ هذا الجَمرُ ما هَمَدا
الحامِلُ الغارَ أمجادًا مُنَضَّرَةً 
والمُدرِكُ الثأرَ لا زورًا ولا فَنَدا 
تبَرّجَتْ في السماءِ الشَمسُ حاليَةً
لِتَشهدَ العُدّةَ الشهباءَ والعددا

ضمَّ الثرى من أحِبّائي لُيُوثَ شرَىً
وغابَ تحتَ الثَرى مِنهُم شُمُوسُ هُدى
الراقدونَ وجَفني مِن طُيُوفِهمُ
في سامِرٍ ضَجَّ في جَفني فما رَقَدا
قُبورُ أهلي وإخواني وغافِيةٌ
مِنَ الطُيوفِ وأسرارٌ ورَجعُ صَدَى
وَوَحشةٌ لفّت الدُنيا بِرهبَتِها
ولفَّتِ الغيبَ والأحلامَ والأبدا
الحانياتُ على تِلكَ القُبورِ معي
ونبّهَ الفجرُ طيرًا غافيًا فَشَدا
حتى بَكيتُ فذابَتْ كُلُّ واحِدةٍ
مِنهُنَّ في أدمُعِ النائي الذي وَفَدا

ضمّتنيَ الشامُ بعدَ النأي حانيةً
كالأمِّ تحضنُ بَعدَ الفُرقَةِ الولدا

عاد الغريب - بدوي الجبل

تعيش هذه الأيام على ذكرى أيام أُخرى، تلجأ الذاكرة لذكراها، تخاف الزمن بشكله الخطي أن يخون، فتُجبره على الدوران حول تاريخ واحد، لحظة زمنية واحدة، ولحن قديم منعزل يخترق صداه الزمن.. سوريا حنّا معاكِ للموت.

ذكرى اللحن الأول

:القارئ 
محمد وسام نيسان

التّراويح الأولى

جامع العثمان -
فضيلة الشيخ خالد العلبي -

(١٤٤٦)خالد العلبي دعاء تهجد ليلة العيد

يَمَان

Related tracks