جئتُ هنا بعدَ مُشاهَدتي للفيلم Mother and son 
يحدثُ فيه أن الابنَ إثرَ مرضِ أمِّه وخوفِه موتها، يحتضِنُ شجرةً ضخمةً يائسًا ويبكي، يبكي بعذابٍ وتأوّهات ممزِّقة؛ مُستَنجِدًا بالآلهةِ أن تبعَثَ في جوفِها المُتهالك الرُّوح، لكنّه ذلِكَ اليوم يعودُ إلى كُوخِه الحَزين بعدَ أن عَصرَ قَلبَه وشرِبَه ليجدَ يدَ أمِّه ساكنةً وروحَها قد دثّرها الصَّمتُ، يرتعِشُ في البِداية وليُدفئَ هَلَعه يُلقي برأسِه فوق صدرِها السّاكِن ويحدثّها راجيًا: "سنلتَقي حيثُ اتّفَقنا، انتَظريني، فلتكوني صبورةً أمّي العَزيزة، انتظريني حبيبتي." وقد أنهيتُه في تمامِ الواحِدة ليلًا بدموعٍ عطشى، وها هي السَّاعة الخامِسة فجرًا وأنا ما زلتُ أبكي، ولا أظنُّ أنه قد بقي دمعٌ في عينيّ المِسكينَتين.
إلهي! ما كلُّ هذا الأسَى الذي يجعَلُنا نسيلُ هكَذا! ما كلُّ هذا الامتِلاء الذي يجعَلُنا نبكي هكَذا! 
يقول الابنُ: "قلبي مثقلٌ بعدمِ الاكتِمال"؛ 
أمّا أنا فأصبحتُ مثقلةً برفوفٍ من الفراغ،
الحُزنُ قد بعثرتُه في كلِّ الأشياء، 
والحبُّ صفقتُ به الغَيم، أمّا ذاكرتي فسرقَتها أحلامي وغادرا سويًّا نحوَ النَّهار، لقد بقيتُ وحدي في الظَّلام، وأصبحتُ الأُغنيةَ التي اشتهَت قائليها.
٢٤/٢/٢٠٢٤

بين زهرِ الصَّمت والوهنِ

Penny Carson Nichols - Remember My Name To The Spring

بعدَ موتي وتعفّن جَسدي
ستستمر الحدائق بالإزهار،
البَّحر بالجريان والسمَاء باللمعان،
و ستستمر رقصتُهم،
تماماً كما اليوم،
ويستمر الشتاء والربيع،
والصيف والخريف بالقّدوم على أعتاب بابي.
سوف يسير الآخرون في شهر أبريل
بِمُحاذاة البستان،
حيثُ سرتُ هناك في أوقاتٍ عديدة.
سيكون ثمّة الكثير من غروب الشمس 
البطيء على المُّحيط،
وسيحبُ الآخرون الأمور التي هويتُها،
سيكون الضّيَاء ذاتهُ،
المَرح ذاتهُ،
والحديقة ذاتها التي تَقبعُ قُربَ سريريّ.
وبعض الخُّصل الذهبية التي تَنسلُ مِن الغّابة،
تماماً كما كانت قبلَ أنّ أموت.

-صوفيا دي ميللو 

مقطوعة غلوريا أو المجدُ للأعالي لأنطونيو فيفالدي.

Fragile as the World

‏Poetic insight