" لأنك منطقيّ ، تميل إلى المنطق. هذا لا يحدث دائمًا، ولا أظنّه مُفاجِئًا لكونك تعلمه. على أيّة حال، فكل الأمور التي تحدث، وبصرف النظر عن منطقية حدوثها، تحمل كفّك كِفلًا منها على سبيليك: الفرح والضيق على حدّ سواء. فالحزن أنت والمُرّ أنت، والسعد أنت والحُلو يداك.

لم أعتد اللوم أبدًا، وإن أُبديه في لحن القول، ولا أقتنع بانسحابي من مسؤولية اللحظات. في الحقيقة أنا لا أُدين أحد بحزني الذي لا ينقطع، وأَدين لكل من أسعدني بالشيء الكثير. كل لحظاتي السيئة ملكي في الحالين: نشأةً وشعورًا، وكل أوقاتي الطيبة مناصفةً مع الحاضرين. قد أعتبر المرء مصنوعًا بلحظاته، ولكنّي أتبرّع بالفرح للمشاركين.

بالأمس القريب أرسل لي شخص -لم أكن أعرفه- ملفًا، من مئة وأربعة وعشرين صفحة، يحمل ما خطّته يداي هنا. هنا فقط كتبت هذا الصفحات، وفي الخفاء سطرت أضعافًا -ربما- وفي غير الأمرين أسقطت أحرفي الكثير. كم عصفت بي الحياة لأكتب ذاك! لا يذكر المحارب طعناته ولكنّي أذكر مواطن الرماح. فلست محاربًا لأنسى، ولا أنسى من الأصل لكوني أعتزل الحروب.

هذا القدر -الطاحن- من السخرية صار يقتلعني من كل شيء. أسخر من الأحداث، الأوجاع، الأفراح، الأوقات، الأشياء، الأسباب، الناتج النهائي، وأسخر من السخرية عندما يمتلكني المزاح. أسخر من علامة التعجب وأستبدلها بنقطة لا تعبّر عن السخرية. وأسخر من اعتياد الحزن الذي لا يصنعه سواي.

أنا السوداوي الفَرِح، الغامض الواضح للعيان. أتحدّث عن نفسي لنفسي، وأُكّني عنّي بـ«هو». يضيق صدري بالأمل الذي يشرحه، وينغلق سبيلي بشغفٍ يفتح له الأبواب. فتيٌّ خائر القوى، وصاعقٌ تقتله الحشرات. أنا المتناقضات والأوقات. أنا القرب الداني من النوى، والبعد الهاجر للاقتراب. أنا الزاهد الذي لا يطلب الدنيا، وأنا الدنيا التي يهجرها الزُهّاد. لا أسعد بكل هذا، غالبًا، وأدعو الخلق للابتعاد. "

سامح طارق

Sujud Mhajne

Popular tracks