"يا لها من ليلة سعيدة، وملائمة للموت."
تلك هي العبارة الوحيدة التي كان يرددها في كل مرة يغمره الفرح، يرقص بمهارة، ويتمايل على نغمات الموسيقى العظيمة ويصرخ بفرح غريب: يا لها من ليلة سعيدة وملائمة للموت.
يغني تلك العبارة، يحاول عَبَثًا استعطاف الموت أو حتى أن يقنعه بالمجيئ.في كل مرة يكون فيها مبتهجًا ومضيئًا يرددها، ولا يستطيع النوم ،أو حتى لقاء أحد ما، كان يختبئ من كل شيء، وكأن هذا الشعور قابل للسرقة، يقفل الأبواب، ويشعل شمعة صغيرة تضيئ له قدر الذي يسمح له برؤية قدميه ؛حينما يرقص، كان يعتقد أن على المرء أن يقدس لحظات الفرح الكاملة تلك، أن يختلي بنفسه، ويتمنى الموت، ف لا شيء أفضل من أن تموت سعيدًا، محتفظًا بذلك الشعور، وكأنك تنتصر على الحياة ، وتتحداها بموتك سعيدًا رغم عن أنفها.
وعلى النقيض تمامًا حينما يحزن، كان يسير بهدوء، يسلك الطرق التي تؤدي ل صحبه، يرسم على وجهه ابتسامة صفراء، باهتة، يتناول عشاءًا دسمًا، ويشاهد فلمًا قصيرًا، ثم يذهب للنوم، كان يمتلك ردّة فعل معينة لكل شعور يعتريه إلا الحزن! كان يعتقد أن الحياة وُجدت لتكون باهتًا، وأنك بإبتهاجك تعلن تحديك لها، كان يكتب خطابات الرفض ل الاشخاص الذين يقولون :لا تحزن، أو كن سعيدًا، كل شيء سيكون على ما يرام حتمًا. يجهز أبشع الشتائم لهم، ويردد بضجر: وكأنك تُخبرني أن هناك إمكانية في قلب الصباح ليلًا أو أن يأتي يوم الثلاثاء قبل السبت. كان يرسل خطابات الرفض تلك، وفِي الوقت نفسه يبحث عن تلك العبارات الفارغة -كما يدعي -ويحاول ترديدها بينه وبين نفسه، قائًلا :ربما سينجح الامر اليوم.
يستيقظ بابتسامة مصطنعة كما كُتب له ، ويردد :أنا لست بمكتئب، أنا فقط أدعي ذلك. يحاول أن يهرول، يركض، فيسقط.لم تكن المشكلة فعليًّا فما يعتقده ، يدعيه ،أو حتى يفعله.بل في شعوره الداخلي، كان متيقنًا أن لا مفر من الحزن ولا شك في ذلك ، وأن الفرح هو لحظة سهو من الحياة، وعليك أن تستغل ذلك بِبراعة وأن تحتفظ بكل جزء منه، وأن تطلب الخلاص كلما سنحت لك الفرصة

zain.