لأجل ان أفهم, هدمت ذاتي, أن تفهم, معناه أن تنسى الحب. لا أعرف قولةً تتضمن من المغزى ومن زيف المغزى في آنٍ واحد.
العزلة تحزنني؛ والرفقة تخنقني ، وجود الآخر بجانبي تضلل أفكاري، لقد طبعتني العزلة بطباعها وصيرتني على غرارها. حضور الأخرــ ولو كان شخصاً واحداً فقط ــ يؤخر تفكيري; اذا كان الأتصال بالأخر, يمثل محفزاً للتعبير والقول بالنسبة الى الإنسان السوي، فهي بالنسبة إليّ على العكس, فهي محفّزّ مضاد او بالأحرى ضد محفز, إن كتب لهذه الكلمة ان تحيا في الإستعمال اللغوي. إنني قادر، قادر عند وجودي لوحدي، ان اتصور الكثير من العبارات البارعة، والإجابات السريعة لاسئلة لم يقل بها أحد، بحس معاشرة ذكي ومتألق تجاه لا أحد، ولكن هذا كله يتلاشى, حينما اكون امام آخر فزيقي ، افقد الذكاء، أفقد القدرة على الحديث ، وبعد مضي ربع ساعة لا احس بشئ سواء النوم. أجل ، الكلام مع الناس يجلب لي الرغبة في النوم. وحدهم اصدقائي الشبحيون والمتخيلون ، وحدها محدثاتي الحلمية واقعاً حقيقياً و ملموساً ، ففيها يكون للروح حضورٌ اشبه بصورة في مرآة .

بالإضافة الي ذلك، تثقل عليّ كثيراً فكرة اكون مجبراّ علي اي إتصال بالآخر، دعوة بسيطة لتناول العشاء مع صديق تُحدث لدي قلقاً يصعب تحديده، فكرة أداء واجب إجتماعي مهما كان، كالذهاب الي جنازة ، البحث مع احدهم في شأنٍ من شؤون المكتب، الذهاب الي المحطة لانتظار شخصاً ما معروف او نكرة ـــ وحدها تلك الفكرة تعكر لدي افكار يوم بكامله، واحياناً اظل منشغلاً منذ العشية نفسها، ثم انام سيئًا تماماً بينما الحدث الواقعي عندما يحدث هو عديم الدلالة بصفة مطلق، ولا يفسر اي شئ بالنسبة اليّ و الحدث يتكرر وقوعه وانا لا اتعلم أبداً ما ينبغي أن ُيتعلم.
عاداتي أكتسبتها من العزلة لا من الرجال، لا ادري روسو او سينكور هو من قال ذلك، لابد انه ذو روح من طينتي نفسها، عن سلالتي، ربما لن استطيع الحديث

العزلة تحزنني - فيرناندو بيسو

https://t.me/+Q4lkW1NgPNI3Zjg0 قناة الالقاء تلقرام

العزلة تحزنني - فيرناندو بيسو

دُعزي