لكل منّا دفتره الأخضر يمتلئ ونمتلئ ونظن إنه قد انتهى أو انتهينا نحن .. ولا نلبث طويلًا حتى نكتشف أننا لم ننتهي بعد ، ويتبدل الدفتر الأخضر بآخر احمر او اصفر او بلا لون . 
أتمنى أن تكون دفاترتكم  الخضراء الجديدة لطيفة وكذلك ما يوجد بداخلها 💚.
النص ال تحت كتبته الجميلة ضي رحمي ، وهو نص جميل ورائق زي ما هي بتقول  .. اتمنى يكون شئ لطيف 🖤
***************
- منذُ عدّةَ أشهرٌ، نصحني الطبيبُ النفسيّ بالكتابةِ كعلاجٍ لتخفيف التوترِ والتغلبِ على نوباتِ الهلع. اقتنيتُ دفترًا أخضر جميلًا شاركني في اختيارهِ صديقٌ عزيز. لم يقل الطبيبُ إن دفترَ الذكرياتِ حتمًا سيرتبطُ بذكرى جديدة.

- كتبتُ في صفحتهِ الأولى: لستُ في حاجةٍ إلى طبيب.

- امتلأ نصفهُ، أو أكثرَ قليلًا بحروفٍ وكلماتٍ وأسماء.. أسماءٌ كثيرة. لم يقل الطبيبُ، أيضًا، إن للكتابةِ أعراضًا جانبية، منها ازدحامُ غرفتي؛ فكلما تذكرتُ اسمًا تجسد أمامي بشحمِه ولحمِه رافضًا أن يعودَ للسطورِ ثانيةً. 
بجوارِ سريري يجلسُ أحدهُم بأعوامهِ الثمانية يبكي وهو يجمعُ مزقَ الورقةِ التي كَتَبَ عليها بعناية "أُحبكِ". أرنو إليه، فلا أشعرُ حيالَه بالشفقة، بل يُهيأ لي أنه، انتقامًا مني، أصابني باللعنةِ التي لازمتني طويلًا وما زالت، لعنةُ العاشق الصغير.

- في المسافةِ من السريرِ إلى الباب، أمرّ بالكثيرِ منهم. المُحب والمحبوب، الخاذلُ والمخذول، الصادقُ والكاذب، الأفّاق والمخلص. لشهورٍ نتشاركُ جميعًا كل شيء، خزانةَ الملابس والأقلام، الرواياتِ ودواوين الأشعار. يفترشون الأرضَ ليلًا، ويختبئون، من أمي، صباحًا خلفَ الستائر.

- في إحدى الصفحاتِ أكتبُ "أبي" لأراه أمامي، جميلًا ورائقًا، يجلسُ بهدوء في زاوية الغرفة. أشعرُ بالخجلِ من أخطائي وذنوبي المتجسدةُ أمامَه، يبتسمُ بعطفٍ ويقول: من لم يخطئ لم يتعلّم، من لم يخطئ لم يعش.. من لم يخطئ لم يحب.

- أما كتابتي الأخيرة، صباحَ اليوم، فلكَ أنتَ: كلما تذكرتك خفقَ قلبي وآلمتني قدماي.. ألمًا يُذكرني بأننا دائمًا ما نقطعُ المسافاتِ الأبعدَ والمشاويرِ الأطولَ بالحذاءِ الخطأ، لنبلغَ وجهتَنا بكدمةٍ في القدم، وغصة في القلب.. وصفْر الأيدي.

١٧ - ٩ - ٢٠١٦

.

*كتابة قديمة زي ما التاريخ بيوضح.. بس مؤخرًا تخلصت من الدفتر الأخضر.. فمن أراد العبور عليه أن يتخفف، لا من ثيابه فحسب، وإنما من دفاتره وذكرياته القديمة أيضا (مع الاعتذار لوديع سعادة).

كلمات/ ضي رحمي .
music
Listen to Ylang Ylang - Fkj (slowed) by dulce on #SoundCloud
https://soundcloud.app.goo.gl/Bn3AA

دفترٌ أخضر .. ضي رحمي.



أعتقد أني سوف أفوّت محاضرات اليوم كلها
لأني في حاجة إلى يوم لي
مشكلة مثل هذه الأيام أني أحتاج إليها
أربع مرات في الأسبوع

مشكلتي أني ذكية وأمتلك الكفاءة (أو هكذا قيل لي)
لكن كسلي يعيقني
الكسل؛
نسوا إضافة التأجيل
وإيذاء النفس
والعجز عن مغادرة السرير إلى باقي القائمة

مشكلتي أني تعاملت مع مثل هذه المواقف من قبل
لكني لا أعرف ما يتوجب عليّ فعله الآن
لابد أن أراسل أساتذتي السابقين
لأسألهم عمّا فعلت بعدما أرسلت لهم
معتذرة عن تغيبي طوال أسبوع "لأسباب شخصية"
لابد أن أمتنع عن جرح يدي
في حال سألتني أمي لو أني بخير ثانية
أنا بخير
أنا بخير
لكني أشعر بحكة أعجز عن تحديدها
حكة تغير موضعها لحظة عثور أصابعي عليها

مشكلتي أني سأنشغل بها تمامًا إلى أن تختفي
مشكلتها أنها أبدًا لا تختفي 
لطالما كانت حكة واحدة كبيرة أعجز عن تحديدها.

.
لورا ماثيس - ترجمة ضي رحمي

artwork :worry_line https://instagram.com/worry__lines?igshid=YmMyMTA2M2Y=

music : river flows into you 
Listen to Yiruma - River flows in you by Awful Piano Sound on #SoundCloud
https://soundcloud.app.goo.gl/rDdaw

أنا بخير .. لورا ماثيس

حتى لو العمر / المكان والظروف مُختلفة يبقى يوم عيد ميلاد كل شخص فينا يوم عمره ما بيعدي بدون النظر والتمعن في  ما كان قبله وما سوف يأتي بعده ..

اتمنى السنين تكون اخف على كل واحد .. واتمنى كل واحد فينا يجد من/ما يُشعره حتى ولو لحظة من حياته ان في سبب لسه ممكن نكمل عشانه .
.
تحت كلام من كتابة الجميلة هديل عبد السلام 
الصورة المُرفقة مع التراك من تصويرها .
.

لم أكُن أبدًا فتاةً تخافُ أن تكبُر، ومع ذلك لم أحبّ أبدًا يوم عيد ميلادي لأسبابٍ لازلتُ لا أقوى على سردها حتى بعدَ مرورِ ٣٦ عامًا. 

لا يُخيفني الشعر الأبيض الذي احتلّ سواد شعري. 
منذُ أيام تساءلت فتاةٌ من عمري عن شعورِ من هم مثلها حين رأوا أول شعرةٍ بيضاء تُطلُّ من بينِ السواد. أضحكني السؤال،، فقد ظهرت أولى شعراتي الفضيّة اللامعة منذُ ما يقرب عشرة أعوام. بماذا شعرت؟! لا شيء، لا شيء على الإطلاق. 
أذكر أن إحدى صديقاتي كانت كلّما ظهرت شعرةٌ بيضاء قطعتها من جذورها لأنها لا تتحمّلُ رؤية الشيب يغزو رأسها. وكنت دومًا أتساءل، هل يصِحُّ حقًا أن نقتلع سنوات عمرنا هكذا؟! 
صديقةٌ أخرى كانت لا تتوقّف عن صبغ شعرها مرارًا وتكرارًا فقط لإخفاء شعرات بيضاء معدودة ولا تكادُ تُرى، حتى ولو كان ثمنُ ذلك هو تلفُ شعرها الجميل الذي أرهقته الألوانُ المتعددة حتى فقد هويّته. لكن، أيصحُّ أن نحاولَ إخفاءَ هويةِ أعمارنا هكذا وبأي ثمن؟! 

مرّت سنواتٌ كان يوم ميلادي شديد الكآبة، حزينٌ كالشجرةِ المحترقة، وأخرى كان شديد الرتابة، خالٍ وفاتر كالشجرةِ العجوز العقيم، وسنوات امتلأ فيها اليوم بالسعادة والصُّحبةِ والهدايا والغناء، كشجرةٍ مباركةٍ تؤتي ثمارها كُلّ حين. 
مرّت سنواتٌ كنت وحيدةً جدًا، وخاويةً جدًا، وسنواتٌ كنت ممتلئةً بالحبّ حدّ الفيضان. 

لكن، كلّ هذه الأعوام هي سنوات عمري، الصبا والشباب، والخطوات الأولى نحو الكهولة، كلّها عمري، كلّها أنا، وكلّها تحملُ نفس القدسية والأهمية. 
هذا العام، أغادر النّصف الأول من الثلاثينيات، وأقتربُ خطوةً واثقةً أخرى من الأربعين. 
ستةٌ وثلاثون عامًا، ملكتُ الدنيا في بعضها، وأفلتّها عمدًا في بعضها، وانسلّت من بين يدي على غفلةٍ في أخرى. 

خسرتُ الكثير هذا العام، لكنّي ربحتُ الكثيرَ أيضًا. سقط من جُعبَتي أصدقاء، ودخلَ إلى أفلاكي آخرون. ضللتُ بعض الطرق، لكنني أيضًا وصلتُ لخط النهايةِ في طرق أخرى، تعرّضتُ للإخفاق عدّة مرات، لكنني أيضًا أنجزتُ الكثير. 

هذا العام أنا أملُك الكثير لأحمد الله على مدى العمر.  أملكُ بيتًا آمنًا، ليس حوائط وحسب، ولكن دفءٌ ولهو، وصُحبةٌ وونسٌ، وحياة. وزوجٌ يحيطُنا بذراعيه وقلبه ويحرس بيتنا الصغير. 
ولديّ طفلةٌ تتقافز من حولي، وتمسكُ بوجهي كلّما رأتني حزينة لتذكّرني أنها هنا، وأن عليّ أن أبتسم، وأن للعمر قيمة وللحياةِ معنى. دليلةَ قلبي وبوصلةَ روحي. 

ولديّ أصدقاءٌ في مشارقِ الأرض ومغاربها، لا يضنّون عليّ بالونس، ولا تنقصني في وجودهم الصّحبة. 
وأهلٌ يتّسعونَ لي إن ضاقت بي الأرض. 
ولغةٌ وكلمات، تهجرني أحيانًا، لكنّها تؤنس لياليّ وتفيضُ من قلبي معظم الوقت. 
أملُك ما يكفي لكي لا أخافُ العمر، ولا أخشى غزو الشعر الأبيض، ولا أهابُ اقترابَ الأربعين. 

تعلّمتُ أخيرًا كيف يمكنني الانسحابُ متى ارتأيتُ أن وجودي لم يعُد ملحوظًا، وأنّ الطرف الآخر لم يعُد يبادلني ذات الاهتمام. الانسحاب الهاديء دون إحداثِ جلبة ودون لومٍ وعتابٍ قد يكسرُ في النّفوسِ أكثر مما يُصلِح. 
كيف آخذ خطوةً صامتة للوراء متخذةً مجلسًا هادئًا على مقاعد البدلاء. لأننا -كلّنا يا عزيزي- يمكن أن نزورَ هذا المكان من آنٍ إلى آخر. 
وتعلّمتُ أن أكونَ أكثر خفّة في علاقاتي. بلا ضغوط ولا حروب وهمية ولا طواحين هواءٍ تطحنُ رأسي حدّ الانفجار. 
ولازلتُ أتعلّم يومًا بعد يوم كيف أكون أقلّ قسوة على الآخرين وعلى نفسي أيضًا. يكفينا جميعًا ما نراهُ من قساوةِ هذا العالم الذي يكشّرُ عن أنيابه لنا جميعًا كل صباح. وأتعلّمُ كيف أصمتُ أحيانًا حفاظًا على قلبي وقلوبهم. 

كلّ المخاوف التي قتلتني بكاءً في العام الماضي، انتهت إلى العدم، وحلّت مكانها مخاوف ُجديدة. كلّ الأيام الصَعبة مرّت، وكل الأيام السعيدة أيضًا مرّت. 
هذا عمري الذي يمُرّ، لا أندمُ أيامه ولا أخافُ لياليه. ولكني أتعلم. أتعلّمُ كيف أحتضنُ الوجع بدلًا من الهرب منه. وكيف أتمسّك بقوة باللحظات الحلوة، وكيف أصمُد أمام الأيامِ الثقال. وكيف "أحبّ عمري وأعشق الحاجات"

هديل عبد السلام.

music : darkness is not the opposite of light by fabrizio paterlini



ستة وثلاثون عامًا .. هديل عبد السلام.

  .

ساعات دماغنا بتقرر إنها تتجاهل حاجات واضحة وباينة قدامنا  وفاكرين إننا بنضحك ع نفسنا ، بس الحقيقة إحنا بنتجاهل اوقات عشان ده حل اسهل من إننا نواجه / أو بنكون مش عايزين نواجه اصلًا أو مإجلين المواجهة لأننا عارفين إن أول واصعب حاجة احنا محتاجين نواجهها هي نفسنا ..

الكلمات الجميلة القليلة ال وصفت ده بشكل لطيف وبسيط  من كتابة يحي موسى 
..

دائمًا ما وجدت ضالتي
فجأة
كأن غشاوة
كانت على قلبي
وزالت

أتذكر عشرات الأشياء
التي سألت أمي عن مكانها
فقالت:
"وان جيت وجيبتهالك؟"

كانت الأشياء دائمًا هناك
حيث كنت أبحث
ولا أراها
تظهر فجأة
كأنما بفعل ساحر

هكذا
صرت أجد ضالتي
بالكف عن البحث
ومواجهة قلبي:
ماذا يمنعك أن ترى؟


المزيكا
The opera love theme

ل عمرو اسماعيل من فيلم ظرف طارق

ماذا يمنعك أن ترى ؟ يحي موسى

طبعًا غريب ان اول حلقه تكون هي *تتر النهايه* بس اصلهم كانوا دايمًا بيقولوا كل نهايه هي بدايه جديده وو … مش مهم ، مش  مهم هما مين وقالوا ايه 
ما علينا ..
كل حاجه ف الدنيا مهما كانت مسيرها لنهايه اليوم الممل ال بنكون متكدرين فيه ع المكتب ف الشغل ومستنيين نمشي هيخلص ، وبعده الأسبوع  ال برضو هيخلص ، واخيرًا الشهر ال بنعمل عليه ميمز قاااد كده ده كمان هيخلص .. والمرتب ينزل 

حتى الوقت الحلو مع اهلنا وصحابنا وحبايبنا وال بنكون مبسوطين فيه وعايزين الوقت  ميمشيش  والثانيه تبقى ساعه واليوم يبقى شهر .. ده كمان مسيره يخلص ومش ده المهم .. 

المهم، 

هو ازاي نعيش دلوقتي … اللحظه دي نحبها ونكون ممتنين ل حلاوتها ال بتصبرنا ع الدنيا وصعوبتها ال بتعلمنا حاجه جديده عن نفسنا وعن العالم ..

اصله النهايه كده كده جايه ودي الحاجه الوحيده ال لازم نكون متأكدين أنها هتحصل ..
النهايه مش شئ سئ ولا البطل الشرير ف الفيلم والروايه ..  النهايه دي ، بتيجي عشان تقولنا كفايه كده .. 
ساعات عشان تفوقنا ، وساعات عشان تعلمنا درس وساعات عشان نرتاح وأوقات عشان تكون فعلًا بدايه .. بدايه جديده
بدايه لإيه مش مهم ، بس عشان ترتاح سميها  حتى بدايه لما بعد النهايه 🤍

.

المزيكا والاغنيه " شمس" ل لوكا والبطيخ

https://open.spotify.com/track/5otZtBarRKp8UzuddarcV9?si=dXR70D9qSAiCKUxDwvGQ9Q

تتر النهايه.

https://on.soundcloud.com/X7UMaT9HF1Q8j5uW8

الحقيقة كاملة؟ ولا مش كاملة؟

https://on.soundcloud.com/S9buGr871vJNiYEK9

‎⁨في أمل؟⁩

https://on.soundcloud.com/AKVZho9LDQc4nhXA6

.
.
.

https://on.soundcloud.com/aWdP9d1rJPYqAVjs7

‎⁨ليه لأ؟⁩

بنلف في دواير؟

‎⁨شايفني؟⁩

من خطابات حسين ل ليلى/الباب المفتوح.

طلب مني أستاذ الكتابة الإبداعية التوقف عن الكتابة بشأن الحب.

سألته عن السبب، قال: لأنك قلبتيه بين يديك مرارًا، استشعرت كل زاوية وكل عيب وكل بوصة وكل كدمة. لقد أفسدته على نفسك.

أمضيت الأسابيع الثلاثة التالية أكتب عن العلوم والفضاء، عن انفجارات النجوم، عن الانجراف داخل ثقب أسود. كم تمنيت لو أستطيع النوم داخل ذلك العدم دون أن أفنى. ترى ما هو طعم نجم مشتعل، هل سينير معداتنا مثل الحشرات المضيئة أم يهتز ويفرقع مثل حلوى متفجرة تحت ألستنا؟

أخبرني أستاذ الكتابة الإبداعية أن القصائد التي كتبت ليست ما كان ينتظر. طلب مني التوقف عن الكتابة عن الفضاء الخارجي. التوقف عن الكتابة عن العلوم. مرة أخرى، سألته عن السبب. مجددًا، قال: لقد أفسدت الأمر على نفسك.

أمضيت الأسابيع الثلاثة التالية أكتب عن أمي، وكيف أخبرونا أنه لا يمكن أن نجعل من البشر بيوتًا. لكن لافتة "مرهون" فوق رحم أمي الفارغ أخبرتني أن النساء اللواتي أنجبن يعرفن حقيقة مختلفة وأكثر إيلامًا.

يقول أستاذ الكتابة الإبداعية إني موهوبة وميؤوس مني، لأن ما أكتب كله عميق وفارغ في الوقت نفسه. مثل سيرك جوّال من دون حيوانات، فقط لاعبة أكروبات جميلة بفخذ مكسور تبيع الفشار عند المدخل. طلب مني التوقف عن الكتابة عن أمي.

لم أسأله لماذا.

حملت كتبي واللابتوب، غادرت مكتبه وقصص حروبي كلها محشورة تحت لساني مثل نجم متفجر، أعجبني طعم آخر شخص أحببته، كان له طعم ترمومتر أمي.. ولم أنظر خلفي.

كلنا نكتب عن أمهاتنا وأحبائنا، عن المكان الشاغر الذي لن نتمكن مطلقًا من التنفس داخله.

كلنا يحمل الحجارة في جيوبه، نقلبها بين أيدينا، في محاولة لتفسير الثقل. لن نتوقف عن الكتابة عن الحب، عن الثقوب السوداء، عن كيف لابد وأنه كان هادئًا الوجود داخل صخب بطن أمي، داخل اضطراب ذراعيه، داخل تشوش الفراغات في القصائد التي كتبتها كلها.

لم يفسد أيٌ منها.
لا تستمع إليهم عندما يدعون هذا.

.

أستاذ الكتابة الإبداعية يطالبني بالتوقف عن الكتابة بشأن الحب - كاتلين سيال - ترجمة ضي رحمي

لا تستمع إليهم، ترجمة ضي رحمي  .m4a

عزيزي ثيو ،، إلي أين تمضي الحياة بي ، ما الذي يصنعُه العقلُ بنا ، إنه يُفقِد الأشياء بهجتها ويقودُنا نحو الكآبه ! إنني أتعفنُ مللًا لولا ريشتي هذه وألواني ، أُعيد بها خلق الأشياء من جديد ، كل الأشياء تغدو باردًه وباهته بعدما يطؤها الزمن ،، ماذا أصنع ؟! أريد أن ابتكر خطوطًا وألوانًا جديده غير تلكَ التي يتعثر بصرنا بها كل يوم .. كل الألوان القديمه لها بريق حزين في قلبي ، هل هي كذلك في الطبيعه أم أن عيناي مريضتان ! ها أنا أعيد رسمها كما أقدحُ النار الكامنة فيها ، في قلب المأساه ثمةَ خطوط من البهجه أريدُ لألواني أن تظهرها ، في حقول الغربان وسنابل القمحِ بأعناقها الملويه ، وحتي حذاءُ الفلاح الذي يرشح بؤسًا ثمة فرح ما أريد أن اقبض عليه ! اليوم رسمتُ صورة شخصيه لي ففي كل صباح أنظر إلي المرآه واقول لنفسي أيها الوجه المكرر يا وجه ڤانسينت القبيح لماذا لا تتجدد ! ، أجلس متأملًا لقد شاخ العالم وكثُرت تجاعيده آه ي إلهي ماذا باستطاعتي أن أفعل قبل أن يهبط الليلُ فوق برجِ الروح الواني واضحه وبدائيه احمر ازرق اصفر اريد أن اعيد الاشياء الي عفويتها كما لو ان العالم قد خرج توا من بيضته الكونيه الاولي !

مازلت أذكر ، كان الوقت غسقًا أو مابعد الغسق وقبل الفجر ، اللون الليلكي يُبلل خط الأفق ، يا لرعشه الليلكي ! عندما كنا نخرج إلي البستان لنسرق التوت البري ، كُنتُ مستقرًا في جوف الشجرهِ أراقب دودةً خضراء وصفراء وكانت أورسولا الأكثر شقاوه تقفز بابتهاج بين الأغصان وفجأه ! اختل توازنها وهوت ! ارتعش صدري قبل أن تتعلق بعنقي مستنجده ضممتُها إليّ وهي تتنفس مثل ظبي مذعور ! ولما تناءت عني كانت حبه توت قد تركت رحيقها الليلكي علي بياض قميصي .. منذ ذلك اليوم عندما كنتُ في الثانيه عشره وأنا أحس رحيقها الليلكي علي بياض قميصي ، منذ ذلك اليوم عندما كنت في الثانيه عشر وأنا أحس بأن سعادةً ستغمرُني لو أن ثقبًا ليلكيًا اِنفتح في صدري ليتدفق البياض .. يا لرعشه الليلكي ، الفكرهُ تُلِح عليّ كثيرًا فهل أستطيع ألا افعل !
Safaa
كامنُُ في زهرة عباد الشمس أيها اللون الأصفر يا أنا ، أحدق واحدق في عين الشمس حتي تحرقني عيناي ، شيئانِ يُحركان روحي التحديق بالشمس وفي الموت ! أريد أن اسافر في النجوم وهذا البائسُ جسدي يُعيقُني ! أمس رسمتُ زهورًا بلون الطين بعدما زرعتُ نفسي في التراب وكانت السنابل خضراء وصفراء تنمو علي مساحةِ رأسي ، وغربان ذاكرتي تطير بلا هواء .. سنابل قمح وغربان ، غربان وقمح ، الغربان تنقُر في دماغي كل شئٍ حُلم ، كل شئٍ حلم ، كل شئٍ حُلم هباء .. احلام ، وريشةُ الترابِ تخدعُنا في كل حين ، قريبًا سأعيدُ أمانةَ التراب وأطلق العصفور من صدري نحو بلاد الشمس آه ي أيتها السنونو سأفتحُ لكِ القفص بهذا المسدس ! القرمزي يسيل أهو دمُُ أن نار ! ،، غليوني يشتعل الأبيض والأسود يلونان الحياةِ بالرمادي ، للرمادي احتمالات لا تنتهي ، رمادي أزرق ، رمادي احمر  ، رمادي أصفر ، التبغُ يحترق والحياة تنسرب ، للرمادِ طعم مُر بالعادةِ نألفُه ثم ندمنُه كالحياةِ تمامًا كلما تقدم بنا العمر غدونا أكثرَ تعلقُا بها ،، لذلك سأغُدرها في أوجِ اشتعالي ، ولكن لماذا إنه الإخفاقُ مرةً آخري ، لن ينتهي البؤس ابدا وداعًا يا ثيو سأغادر نحو الربيع ..

ڤان جوخ .. الرساله الاخيره -sad piano-

ين الحزن واللامبالاه ، سيختار بيجوڤيتش الحزن ! هكذا فعل سابقًا ، وهكذا لا يصح -دائمًا- إلا الصحيح . قد لا يمثل الحزن اختيارًا من حيث المبتدأ ولكنه طارئ علي الواقع في ثوب الخيار إما أن تقبلهُ فتسلم وإما أن تناور باللامبالاه ! ربما تُفلح حينها في الخداع ولكنها مره وحيده ، لن تعدك بالتكرار ! 
دائمًا .. يبقي الخوف أقسي من الألم وتبقي المواجهه أسلم من الهروب ، فإذا ما زارك الهم اقبله ،وإذا اتتك القصمة فاعصمها بالوقوف . انت لم تختر وذاك لا بأس فيه ، ولكنه أتي وليس ثمّة فِرار . فأكبر من الحُزن أن تفقد شعورك وأعتي من الكمد اختفاء الإحساس ، فإيّاك ألا تبالي ، واحزن إذا لقيت الألم فإنه شفاء . 
فهنا معركه وقبل ذاك حرب وما الفرق بينهما بعظيم ، غير أنك في الأولي تُجبر وقد أتتك قسرًا ، وفي الثانيه تأخذها بعزمِ المُريد . فإن اختارك الهم اخترت فترته ، وإن اضناك الوجع قبلت الاستشفاء . فلا -أبدًا- لن يقتلك الحزن ، ولكن -دومًا- لن ينفعك الإنكار . 
فاحزن يا صديقي ولا بأس عليك ، وعالج الصبر تعرفه فمن عِرف الصبر ما ضرتهُ الخطوب . نعم خذ قسطك من الرحمه واشفق لحالك ورِقّ ، ثم أقبل أن تجتاز وقُم سريعًا لتلتئم الجروح . احزن يا صديقي ولا ضير ، ولكن توسّل به ولا ترتضيه المصير . احزن لتمضي علي الحدث لا لتركُن إلي الهموم . فإنك إن قابلت الشعور حوته يدك ، وإنك إن هربت طغت عليك يداه . فاحزن مُختارًا وتصبّر بالله وافرح مختارًا واطلب منه الشفاء . فلا نجا من أفلت ولا أفلح ذو الإفراط ، ولا هلك مجروح ولكن ينقذه الإشفاق . فاشفق لحالك إن استدعي ، واصبر -وما صبرك إلا بالله - وارتجِ الفرح . فإنك إن فعلت تنله ، فإذا تأخر أمِلت ، وإذا غاب عرفت الثواب . فاجبر كسرك بتصديقه ، وصدّقه بقبوله ، واقبل ما كان بالإيمان . واصبر ، ثم اصبر ، واصبر وما صبرك إلا بالله.

كلمات/سامح طارق .

بين الحُزن واللامبالاه ..

أتقبلُ بي؟ 
لطالما اقتنعتُ بأنّ البشرَ ألوانٌ تزدادُ بهجةً حينما تُحب .. بأنّ لونَ المرءِ منهم يزدادُ توهجًا كي يلاحظَ الجميعُ اختلافه .. أنهم بلا عيوبٍ فاضحةٍ يخافونَ منها .. ولا صوتٍ خشنٍ فلا يتحدثون .. رائعونَ حقًا في كُل شيءٍ ..
ماذا لو أخبرتُكَ بأنّ الشخصانِ الوحيدينِ اللذانِ يخالفونهم و يختبؤنَ هم أنتَ وأنا؟ 
بل كيفَ سيكونُ وقعُ هذهِ الجملةِ على مسامِعكَ حينَ أُخبرُكَ أنني كُنتُ واحدًا منهم .. و أنتَ الوحيدُ فقط من كانَ يختبىء؟
في مدينةٍ الوردِ أكثرٌ ما تلاحظهُ العينُ هو البقعةُ التي لم ينبت بها أي شيء .. لذلكَ كنت واضحًا أمامي .. تختبىءُ خوفًا من مظهركَ .. لا تحدثُ صوتًا كي لا يسمعهُ أحد .. تركضُ حينَ وصولِ أحدهم إلى بقعتِكَ، حتى اصدمتَ بي في مرةٍ .. وأصبحنا أصدقاء .. وقتها أتذكرُ ساعاتِ حديثكَ أنّكَ بلا لونٍ مبهج .. بأن الإقترابَ منكَ عدوى تصيبُ المرءَ بالفراغِ و الوحدة .. بأنّكَ لم تكن يومًا جميلاً أو رائعًا لذلكَ من كانَ بجانبكَ سيأخذُهُ الخوفُ من الظهورِ معك .
ماذا لو كانَ لديّ صندوقٌ سحري .. حين أدخلُ يدايَ بهِ أخرجُ منهُ لكَ بألطفِ ما يمكنني أعطاءك ؟ .. دعني أبحثُ قليلاً .. ها هي بعضُ من النجومِ من داخلٍ الصندوقِ ضعها على وجهكَ كي ينظرَ لكَ الجميعُ كأنّكَ وجهتُهم .. وخذ هذهِ أوتارٌ كي تعزفَ عليها بدلاً عن أحبالكَ الصوتية .. الآن تستطيعُ الغناءَ .. ثم هذهِ ليست كُلُّ الألوانِ ، بل ألوانُ قوسُ قزحٍ خذها كي تصبحَ مميزًا بينَ الجميعِ .. الآن أنتَ رائعٌ بل أبعدُ من ذلكَ أنتَ أفضلُ منهم.
كيفَ يجعلُنا الحُبُّ نتخلى عن ما يميزنا أمام الأعينِ إرضاءً لأحدهم؟
أتذكرُ الصندوقَ السحري! .. لقد كانَ قلبي ذلكَ ما أخرجتُ منهُ كلّ جميلٍ لك .. لقد اعتصرتُ روحي كي يخرجَ جزءٌ منها أهديهِ إليكَ .. لا بأسَ عندي في التخلي عن كل أمرٍ من أجلِ أن أكونَ معكَ فقط .. لقد أصبحتُ خاويًا قد ملأتُكَ بكلِّ ما أردتهُ يومًا .. لذلكَ ..
أتقبلُ بي؟

- عمرو خالد

أتقبلُ بي؟

نت لا تفهم الأمر على حقيقته..
أنا لا يخيفني الفشل، ولا يزعجني ضياع المجهودات سدى..
ولا يعنيني في نهاية الأمر أن لا أحقق شيئا يذكر..
ما هكذا تقاس الأشياء..
هذه مخاوف الأطفال والحالمين..
أما أنا فقد اعتدت ذلك..
لكن ما يرعبني حقيقة، هو اختفاء الرغبة..
هل تعلم ماذا تعني الرغبة لرجل مثلي؟
هل تتخيل أن أستيقظ يوما ما فأجد تلك النار القلقة في صدري قد انطفأت؟
أو أن يختفي توهج عيني؟
أو أن أنظر إلى الناس والأشياء ببرود وكأنني ثور محنط؟
لا أعد نفسي شخصا عاديا..
ولا يهمني كثيرا أن يراني الناس كناجح أو فاشل..
إن معظم عالمي يدور داخل نفسي..
ومعاركي أخوضها داخل عقلي..
وإن كان الآخرون رضوا بأن تضيع حيواتهم في مقابل القليل من الحديد والخشب والقماش والذهب الأصفر فأنا لم أفعل ذلك..
وإن كانت خطتهم تقضي أن يعملوا كعبيد لأربعين عاما مقابل أن يمضوا شيخوختهم ممططين كفقمات فوق الأرائك فأنا لم أخلق لهذا..
ولم أسع يوماً للحصول على ما يجب الحصول عليه..
بل ما أحب الحصول عليه..
نعم لقد مررت بالحزن..
لكن الحزن لم يكن أبدا كهفا أعتكف فيه..
بل جسراً أعبره إلى ما سواه..
وإن كنت قد رأيتني محطما وبائسا في لحظات ما، فلم يعن ذلك أبداً أن البحر الذي في داخلي قد هدأ واستكان..
أو أن الريح التي تعوي في داخلي قد صمتت..
إن الحزن ليس نقيضاً للحياة بل هو جزء منها..
هل بإمكاننا أن نفرح دون أن يكون عندنا استعداد للبكاء؟
هل يمكننا أن نسعد برؤية مولود جديد دون أن نكون قادرين على الحزن لوفاة عجوز؟

لقد عشت حياتي كلها ممتطيا حصان الرغبة..
موجهاً بصري لا نحو ما أملك، بل نحو ما لا أملك..
حاملا قلق الصياد الأبدي في قلبي وعيني..
مترقباً أن يحدث شيء أو أن لا يحدث شيء..
منصتاً لكل صوت ولكل صمت..
ومحدقا في كل ما أرى..
ولا يحركني في كل ذلك إلا شبقي..
بالإنسان والأشياء..
لذلك إذا ما رأيتني يوما ما منطفأ كموقد مهجور..
أو هادئا ومستكينا كساعة حائط..
فلك حينئذ أن تدفنني..
إن انعدام الاشتهاء هو الموت..

من كتابات ديك الجن

من كتابات ديك الجن

واني يا الله ، تائه ، ضعيف  وخالي من كل قوة ، وإني أنا العبد المتذمر الغاضب ، وإني الناقص إلا أن تُكملني ، الضعيف إن لم تهبني القوة ، الضائع عندما ابتعد عن نور وجهك ، العاصي والعاق ، الطامع في رحمتِك التي وسِعت كل شئ ، المذنب والراجع إليك ، التائب والعائد لكَ في وقت ضعفي وقلة حيلتي ، أعرف بأن ليس لي في هذه الدُنيا سواك ، اتوسل دائمًا إلي رحمتِك وعفوك ورضاك ،، وأنت ياربي ، المتجاوز عني في كل وقت ، المطمئن لي وقت خوفي ،  تراني في كل وقت وتستمع لصوت قلبي المرتجف عندما يناجيك خوفًا وطمعًا فيك وحدك ، الغني عني أنا العبد الذي يستمر في اخطائه ، وتستمر أنت العظيم بالتجاوز عنها ، في كل مرة رأت فيها عيناي غيرك ضلت ، وكلما تعلق قلبي ب شئ غيرك ارهقته الدنيا بفقدانِه ،  رجعت إليك منكسرًا ، مهزومًا اطلب منك القوة ف تهبني القوة ، يُخيل إليّ أني قد أحطتُ بكل شئ علمًا ومعرفة ، ومع أول مواجهة لي مع الدنيا بدونك أعلم إني لا أملُك من أمري شيئًا لا أستطيع الصمود أمام ما أري ، أخاف كل الأشياء من دونك يا الله ، أصغرها يستطيع التغلب عليّ ، ف أرجع  إليكَ تائهًا منتظر الإجابة منك ، والإجابة دائمًا أن مُرحبٌ بي مرة آخري إلي جوارك . أكثر ما أخافه أن اضيع في وسط كل هذا الزحام ، أخاف أن تفلت قبضتي وأضل طريق الرجوع ، لأني أعرف أن كل ما تبقي لي هي تلك اليد التي تمتد بيني وبينك ، تلك التي تنقذني في كل مرة .

صفاء

وإني يا الله تائه

هذه البحيرة ليست ماء. كانت شخصًا تحدثتُ إليه طويلاً، ثم ذاب!
ولا أحاول الآن النظرَ إلى ماء بل استعادةَ شخص ذائب.
كيف يصير الناس هكذا بحيرات، يعلوها ورق الشجر والطحلب؟!
قطرةً قطرة ينزل الموتى على بابي
ومركبٌ يتوقف من أجلي تحت الشمس
وجالية فقيرة من الرعشات تعود إلى الرمل.
لم أرتجف. لكني جُننت. الماء بارد لكني لم أرتجف. فقط ارتعشتُ قليلاً. ثم جُننت.
على سطح البحيرة ورقة، كانت عينًا. على الضفَّة غصن، كان ضلعًا بشريًا.
أحاول الآن جَمْعَ الأوراق والغصون. أحاول جمع شخص كنت أحبُّه.
لكن مرَّ كثيرون من هنا، جمعوا ورقًا وحطبًا ليشعلوا مواقدهم.
لن يتمَّ أبدًا جمْعُ شخص. لن يتمَّ جمع أعضاء كاملة. كثير منها احترق.
مع ذلك لا بدَّ من أن أعيد شخصًا كنت أحبّه. على الأحبَّاء أن يعودوا إذا ناديتهم. عليهم أن يعودوا ولو كانوا ماء. لو كانوا أمواتًا. لو كانوا طحلبًا… على الطحلب أن يصير إنسانًا حين تستدعيه. ويأتي لو مبلَّلاً، لو مترهّلاً، لو عفنًا. عليه أن يعود صديقًا ولو مات منذ ألف عام.
يجب أن تكون هناك طريقة ما لجمع الناس عن الضفاف. طريقة لإعادة الأوراق والأغصان الطافية على البحيرات، بشرًا.
لم أرتجف. الأعضاء ارتجفت. وكان عليَّ أن أسدَّ الفراغ بين مفاصلها كي أوقف ارتجافاتها وتهدأ.
ولكن، كم طويلةٌ المسافةُ بين مفصلين! وكم أحتاجُ إلى ردم لسدّ الفراغ بينهما!
كم هي طويلة المسافة بين ضلع وضلع!
أجري بطيئًا، مثل آخر نقطة ماء نزلتْ، وتأخرتْ عن السيل.
أجري بطيئًا زاحفًا للالتحاق بالجريان، وأتبخَّر رويدًا رويدًا.
لن أصل. بعضي سيصير في الفضاء. وبعضي سيغرق في الأرض.
تأخرتُ عن رفاقي ولن أصل. أزحف لكني لن أصل.
قطَعٌ مني أفقدها، وقطعٌ ترافقني منهَكَة، وقطع تصير هباء.
حتى إذا وصلتُ، أيُّ شيء مني سيصل؟!
حولي عشب وحصى وتراب. طيرٌ ينقدُ بعضي. ونملٌ يأكل بعضي. وبعضي للعشب والحصى والتراب.
أجري بطيئًا وفوقي يصعد خيطٌ مني، وتحتي ينزل خيط مني. أجري بطيئًا بين إبرتين، تخيطان عدمي.
نزلتُ آخرَ نقطة. كنتُ في غيمة ونزلتُ. هل أنا الباحث عن شخص ذائب أم أنا الذائب؟ أم أني، من كثرة البحث عن ذوبانه، ذبتُ مثله؟
وصرتُ، عوض أن أبحث عنه، أبحث عني!
أرى على الطريق أشخاصًا عابرين. بعضُ ما بقي مني يرى أشخاصًا. هؤلاء، على الأرجح، لم يفقدوا شخصًا أحبُّوه. أم أنهم فقدوه، ومع ذلك يكملون الطريق؟!
لا أعرف كيف لا تتوقف أرجلنا عن المشي حين نفقد شخصًا نحبُّه. ألم نكن نمشي لا على قدمينا بل على قدميه؟ ألم تكن النزهة كلها من أجله؟ ألم يكن هو النزهة؟
كيف يمشي واحدٌ إذا فقد شخصًا! أنا، حين فقدت شخصًا، توقفت. كان هو الماشي وأنا تابعه. كنت الماشي فيه.و حين توقَّف، لم تعُدْ لي قدمان.
تأخرتُ وزاحفٌ وأتبخَّر. كيف إذن سأُعيد شخصًا ذاب؟ أليس عليَّ بالأحرى أن أعيد أولاً نفسي؟ أن أعود على الأقل قطرةَ ماء كاملة، تنزل على ورقة، على عين، على ضلعٍ على ضفَّة؟
أليس عليَّ، لكي أُخرج من الطحلب شخصًا، أن أكون على الأقل من ماء البحيرة؟
تأخرتُ ولن أصل. كلُّ ما أفعله أني أرى، أرى من بعيد. رؤيةٌ مشوَّشة من عين شيء لا هو غيمة، ولا هو ماء، ولا جماد ولا بخار.
إني، إذن، لا أرى.
كلُّ هذا مجرَّد خيال. عتمةٌ تستجدي عتمة. ولن أرى ولن أصل ولن أستعيد شخصًا ولن أعيده…
إني، فقط، أحاول أن أزحف. أحاول أن ألحق برفاقي.
لكنهم صاروا بعيدين، بعيدين جدًا.
ربما كنتُ في الماضي شخصًا يبحث عن شخص ذابَ أو ربما كنت أنا الذائب. الآن، حتى ولا قطرة. وفي تماهيَّ المرعب بين الماء والبخار والشخص، أبحثُ عن إسمٍ أعرّفُ به نفسي حين ألتقي النمل والعشب والطير. أنت الزاحف مثلي، ستتوقَّف حتمًا على نتوء. ارسلْ لي من هناك نداء، وبه سأسمّي نفسي.
متماه بين ماء وجماد وبخار. مع ذلك لي مفاصل!
ومفاصلي بينها فراغات. ترتطم المياهُ بها، ترتطم الرياح بها، ويرتطم الناس.
ناسٌ كثيرون يعبرون الآن بين مفاصلي. لا أعرف من أين يأتون ولا إلى أين يذهبون. لكنهم يرتطمون بعظامي.
ناسٌ التقيتُهم مرَّة، ناسٌ التقيتُهم مرات، وناس لم ألتقِهم… لكنهم يتدفَّقون الآن، ويدقُّون على عظامي.
عليَّ أن أفتح هذه العظام لكي يدخلوا.
لو كانت هذه العظام بابًا!
من أين جاؤوا؟!
أظنُّ أن الذين ننظر إليهم يدخلون في أجسادنا عَبْرَ عيوننا ويصيرون دمًا و لحمًا.
وبعضهم يصير من المارة التائهين بين مفاصلنا.
… ونستمرُّ، هكذا، نسمع طَرقات على عظامنا.
إني أسمع الآن دقَّات ماء
وعليَّ أن أفتح.

وديع سعادة

استعادة شخص ذائب ..وديع سعادة

ليس لعمارتنا بواب، لكن البوابة عليها قفل. نصف السكان يرى أن يظل الباب مغلقًا في كل الأوقات، والنصف يرى أن يُفتح نهارًا ويُغلق ليلًا، الخصوصية والأمان في كفة، ومحصلو الكهرباء وحاملو الدليفري في كفة. لم يحدث الوفاق ولم نصل لحل وسط. يُفتح الباب ويُغلق بناءً على رأي من يمر به.
بالنسبة لي، ليس عندي رأي ولم أفكر في الموضوع. الحياة أقصر من هذا، وأنا شارد طول الوقت في أمور نظرية. أقف على الحياد من الجميع، وكلما استوقفني أحد الجيران على السلم يستميلني لرأيه، وافقته وهززت رأسي، والأشياء النظرية تحلق في خيالي فوق كتفيه. كلما مررت من باب العمارة، أحرص على تركه كما وجدته، لا أغلقه إن كان مفتوحًا، وأغلقه ورائي إن كان مغلقًا. لا أترك أثرًا كأني لم أمر.
ما جعلني أحسم موقفي في شأن الباب هو الحب. حب نقي بريء، لست طرفًا فيه لا سمح الله، ولكنه حب قطة العمارة لقط شارع بني وسيم. قطة عمارتنا جميلة بمقاييس القطط والبشر، لا تخرج للشارع إلا نادرًا، لكنها الآن تحب. أحيانًا أنزل فأجدها تقف في الداخل، ويقف هو من الخارج، وبينهم باب مُغلق يمثل رمزًا لتكلفة الحب في هذا الزمن الصعب. أفتحه وأتحسر على حالي، وأتركه مفتوحًا من أجل خاطر الحب.
. 
فريد عمارة .

موسيقي : أسامة الرحباني - من مسلسل طريق .

من أجل خاطر الحب .. فريد عمارة .

بالأمس، أنفقتُ ستين دولارًا على البِقالة
أخذتُ الحافلة إلى المنزل
حملتُ حقيبتين بذراعين قويتين في طريقِ العودة لشقتي الصغيرة 
ثم طهوتُ طعامَ العشاءِ لنفسي.
رُبما نختلف، أنت وأنا، حول مفهوم "يومٌ جيد"
هذا الأسبوع
سددتُ الإيجارَ وفاتورة حسابي الائتماني
عملتُ لمدة ستين ساعةً بينَ وظيفتين ،
رأيتُ الشمسَ - فقط - في استراحاتِ التدخين
ونمتُ مثل حجر ..
صباحًا
غسلتُ أسناني
أغلقتُ بابي
وتذكرتُ أن أشتري بعضَ البيض.

أمي فخورةٌ بي
ليس ذلك النوع الذي تتباهى به في دروسِ الجولف
فهي لا تضعُ أمورًا مثل "نجحت ابنتي في الالتحاق بجامعة ييل"
في مواجهة "أوه، لقد تذكرت ابنتي شراء البيض"
لكنها فخورةٌ بي.

فهي تذكُر ما كان من قبل
الأسابيع التي نسيتُ فيها كيف استخدم عضلاتي
كيف كنت أبقى صامتةً ،كضبابٍ كثيفٍ ،، لأسابيع
عندما كانت تعتقدُ أن كلَ مكالمةٍ هاتفيةٍ من رقمٍ مجهول
تحملُ خبرَ انتحاري.
تلكْ .. تلكَ كانت الأيام السيئة.

حياتي كانت هديةٌ أردتُ الإعتذارَ عنها ، رأسي كان بيتًا من حنفيات سائبةٍ ولمباتٍ محترقة ..
الاكتئاب، عشيق جيدٌ
شديدُ الاهتمام، لديه تلكَ الطريقة الحميمة في الاستحواذ على 
ما يخصُكَ كلُه
فيسهُل عليكَ نسيان أن حجرةَ نومك ليستِ العالم،
وأن الظلال المظلمة التي يمُدها ألمك 
ليست إضاءةً خافتةً للاسترخاء
هكذا يُصبح الإبقاء على هذه العلاقةِ المؤذية عوضًا عن حل
المشكلاتِ التي خلقتها أسهل الاختيارات.

اليوم، نمت حتى العاشرة
غسلتُ كُلَ ما لدي من أطباق
جاهدتُ مع موظفي البنك
وأنجزت أوراقَ العمل
رُبما نختلف، انت وأنا، حول مفهوم سن الرشد
أنا لا أعمل من أجلِ الراتب
، لم أتخرج من الجامعة
، لكنني لا أتحدثُ بالنيابةِ عنِ الآخرين
ولا أندمُ على أي شيء أعجز عن الاعتذارِ الصادقِ عنه
وأمي فخورةٌ بي.

أحرقتُ بيتًا من الاكتئابِ أعدت طلاءَ الجدرانِ الرماديةِ . 
كانَ من الصعبِ عليّ 
إعادةَ صياغةِ حياتي في أخرى أرغبها ..
لكنني اليوم، أريدُ أن أعيش . لم يسل لُعابي لرؤيةِ السكاكينَ الحادة .
لم أحسِد الفتى الذي ألقى بنفسِه من فوقِ جسر بروكلين.. نظفتُ حمامي
غسلتُ ملابسي
هاتفتُ أخي
وقلتُ له:
"كان يومًا جيدًا"
.
ترجمة / ضي رحمي ..

يومٌ جيد .. كايت روكوفسكي

أشعلتُ النارَ حتى أُعد لنفسي القهوة، وصوبتُ عودَ الثقابِ نحو السلة، فأخطأت، وأصابني قلقُ شديد. لماذا يأتي لي القلق بكلِ هذه السهولة دونَ سبب؟ لو كان القلقُ رجلًا لأعددتُ له قهوةً معي ودعوتُه للحديث. رجلٌ لرجل. صببتُ السائلَ الأسودَ مثلَ مزاجي في آخرِ فنجانٍ نظيف وخرجت للشرفة. رأيتُ القلقَ بعينِ الخيال يجلس في مواجهتي. رجلٌ نحيلٌ أصلع متعرقُ الوجه، رغمُ النسيمِ الباردِ في الجو، وله نظاره منزلقةٌ على أنفه تكادُ تسقط من وجهِه، لولا أنه يدفُعها بظهرِ يده كلَ ثانيتين. جلست ولم أرحب به. هو ضيفٌ ثقيل يأتي دون دعوة، وأرجو أن يأخذ تصرفي بشكلٍ شخصي ولا يعودُ لزيارتي من جديد. قال لي أن الجوَ سيء، فقلت له على سبيل التحدي إن الجوَ جميل. دخلت في الموضوع بغير مناورة: لماذا تحبني أيها القلق؟ استنكر قولي: بل لا أحبك أبدًا. أكد لي أني أمثل عملًا له، وأنه يرغب لو ظل نائمًا طول اليوم، لكني أطلبه بغير وعي مني. ارتحت قليلًا عندما عرفت أنه يشبهُني. كسولٌ مثلي، يريد أن يُترك وشأنه. عرضت عليه أن نصبح أصدقاءً. سوف استقبلك بترحيبٍ كلَ يوم. سأترك لك الرشفةَ الأخيرة المليئة بالبن من قهوتي، وسأميل صفحةَ الكتابِ الذي أقرأ حتى تقرأ معي، سأمشي على مهلٍ في الطريقِ حتى تمشي جواري. في المقابل، كما يفعلُ الأصدقاء، ستنصرفُ عني حين احتاج للخَلْوة. ربما في آخرِ الليل وأنا أتهيأُ للنوم، أو عندما آخذ حبيبتي للعشاء. وافق القلق دونَ تردد. نظرَ في السماء وقال من قلبه: هل تعرف أني أنا نفسي أشعر بالقلق احيانًا؟ كدت أقول له أحسن، لكني لم أرد افسادَ صداقتنا الجديدة. لم أقل شيئًا. قلبت بصري في السماء مثلُه، وساد الصمت بيننا.
. 
فريد عمارة

موسيقي : عمرو إسماعيل -من فيلم لف ودوران . 

Listen to موسيقى فيلم لف و دوران - الموسيقار عمرو إسماعيل by Mostafa_zizo94 on #SoundCloud
https://soundcloud.app.goo.gl/WHSU3

لماذا يأتي القلق ؟ .. فريد عمارة

هناك حُزن يعيش في عظامي .
أطول مني وأنا أمشي مفرودة القامة 
أطول من صفصافة الحديقة الأمامية 
لا أحد يعرف بما يهمهم .. لكن صوته يشبه الصلوات كثيرًا ، يشبه كثيرًا التكفير عن الذنب .



ما زلت أتألم ، وما زلت أكذب بشأنه.
لا توجد طريقة لطيفة أقول بها 
إنني انسي أحيانًا كيف اتنفس .. لذا أتجاهل الأمر فحسب ، واسأل عما لدينا علي العشاء .


ما زلت أتعلم كيف أقوم بأبسط الأشياء 
كأن أكل عندما أجوع 
أو أن أغادر فراشي ، كل يوم 
ما زلت أتعلم كيف ألف لساني 
من حول الكلمات التي تشبه الحقيقة 
مازلت أقع في النوم والأمل ، يختنق بين أصابعي ..
ما زلت أخطو فوق هشيم الزجاج معتقدة أنها قوة 
.
مازلت أتمني أن ينتهي العالم .. 
قبل أن ننهيه نحن . 

-ما زلت أتعلم كيف أقوم بأبسط الأشياء- .

فورتيسا لاتيفي

موسيقي Yann tiersen -  Comptine d'un autre été 

ما زلت أتعلم كيف أقوم بأبسط الأشياء .. فورتيسا لاتيفي.

كلُ صباح وأنا احُكِمُ ربطةَ العُنق ، أُفكِرُ أنُه من اللطيفِ أن تقوم القيامةُ اليوم . 
لا أظنُ وقتها أني سأكونُ بحاجةٍ للذهابِ للعمل . 
كُل صباح ، أنظرُ من النافذة . أجدُ كلَ شئٍ كما كان البارحة . 
أكادُ اسمعُ المذياع يخبرُ الناس أنه لم يعُد جدوي من أيُ شئ ، العالم سينتهي اليوم . 
لو أن هذا يحدث .. عندها لن أخرج هاتفي واكتبَ رقمَكِ ثم انظرُ له مئةَ عام . هذه المرة سأضغطُ زر الاتصال . 
العواصفُ أشدَ تنكيلًا بمن تجدُ وحيدًا .. 
هل سمعتي الخبر ؟ اليوم .. هو اليومُ الأخير .. نلتقي ؟

بيني وبينكِ سفر ، والسفر ليلًا يحولُني لشاعرٍ ردئ . 
لكن تتعطلُ السيارة .. حتي في خيالي تتعطلُ السيارة .
سأتيكِ مشيًا إذًا . أُسلي نفسي بعدِ أعمدةِ الإضاءة . وعدِ الانفجارات البعيدة ، والتفكيرُ في كل الأشياء الطيبةِ التي لابد أن تحدُث قبلَ أن ينتهي العالم .. وأولُ شئٍ سأقولُه عندما أراكِ .
وأعرفُ أني لن أقولَ منه حرفًا . لا يُسِعفُني الكلام أبدًا . 
الأجرامُ السماويةُ تهوي أمامَ ناظِرنا . النجومُ تأفل .. العالمُ ينتهي .
وأنا .. لا يخطرُ في قلبي حتي مَسٌ من الخوف . لأنَ رأسكِ علي كتفي 
.
فريد عمارة

https://soundcloud.com/maureenshintadevi/stand-by-me-ben-e-king-1961

كُل الأشياء الطيبةِ التي لم تحدث .. فريد عمارة.

- في سنة 1990 ، مركبة فضائية اسمها ڤوياجر 1 كانت عندها مهمة خارج المجموعة الشمسية . وفي آخر رحلتها ل خارج النظام الشمسي ، كارل ساجان وهو عالم فلك امريكي مشهور وكان من الطاقم المسئول عن الرحلة ال تابعة لوكالة ناسا طلب إن المركبة تأخد آخر صورة لكوكب الأرض وهما بعيدين عنه مسافة 6مليار كيلومتر . 
ودي كانت النتيجة .. الأرض هي نقطة زرقاء باهتة في فضاء كوني كبير جدًا كأنها ذرة غبار ! 
كارل ساجان كان معروف وقتها إنه نفسه يوصّل دراسة الفضاء والفلك إنها تبقي علم متداول بين الناس مش بس للمتخصصين ، وكان عايز يشوف الناس بتقرأ وتفهم هما عايشين فين وايه موقعنا من الكون الكبير ده .. ف كان رد فعله وقت شاف الصورة  أنه كتب الرسالة دي لكل البشر .. 
وزي ما هو بيقول إن دراسة الفلك هي فلسفة وبتعلم الإنسان التواضع .. احنا وكل الناس ال بنحبهم وبنكرههم وطموحنا وحياتنا مجرد نقطة علي ذرة في كون كبير جدًا اكبر حتي ما احنا ممكن نتخيل . ومع كده هو كان مؤمن بالإنسان جدًا ومؤمن أنه قادر يوصل ب تفكيره وخياله لانه يستكشف الكواكب والمجرات والعوالم ال ممكن تكون  معاه في الكون ده . ولو كان في حاجة المفروض يتعلم يعملها ف العالم إنه يكون علي الأقل لو مش مفيد مش مُضر ، وإنه ميبقاش شر وحرب وصراعات ، لأن ده للأسف ممكن ينهي أي حاجة جميلة هو بيعملها ..

وده نص الرسالة إلي اتحولت بعدها بأربع سنين ل كتاب من تأليفه بنفس العنوان .. 

من نقطةِ النظرِ البعيدةِ هذه، قد لا تبدو للأرضْ أيّةُ أهميةٍ خاصة. ولكن بالنسبةِ لنا، الأمرُ مختلفْ. أعد النظر لتلك النقطة:

إنها هنا!
إنها الوطن!
إنها نحن!

فعليها: كلُّ من تحبْ، كل من تعرف، كل شخصٍ سمعت عنه، كلُّ كائنٍ بشريٍ وُجد طوال التاريخ، عاش حياته هناك. مجموع كلِّ الأفراحِ والأحزانِ. ألوف الأديانِ والنظريات ومذاهبِ الحياةِ. كلُّ صيادٍ وقاتلٍ. كلُّ بطلٍ وجبان. كلُّ خالقٍ وهادمٍ لحضارة. كلُّ ملكٍ وفلاّح.
كلُّ عاشقيْن. كلُّ أمِّ وأبٍ، طفلٍ ذي أمل. مخترعٍ ومكتشف. كلُّ ناشرٍ لخلقٍ حميد، كلُّ سياسيّ فاسد. كلُّ نجمٍ سينمائي
كلُّ قائدٍ عظيم. كلُّ متدينٍ ومذنبٍ في تاريخِ وجودِ كائننا البشريّ. كلُّهم عاشوا هناك.. على ذرةٍ من غبار، عالقةٍ في شعاعٍ شمسي. الأرض ليست سوى بقعةٍ صغيرةٍ للغاية، في مسرحٍ كونيّ عظيم!.

تفكر لوهلةٍ في أنهارِ الدماءِ التي أراقها جنرالاتُ الحربِ وأباطرتَها، لينتصروا ويصبحوا أسيادً لحظيينَ، على جزءٍ عشريّ من نقطة. تفكر لوهلةٍ بالقسوة التي ملأتْ قلبَ شعبٍ عاش على إحدى زوايا هذه النقطة، ليغور ويتغلب على شعبٍ آخرَ، عاش على زاويةٍ أخرى منها، بالكاد نستطيع التمييز بينهما.

كم كان جهلُهُم، وسوءُ فهمهم للآخر؟!
كم كان غرورهم، ليقتُل أحدُهم الآخر؟!
كم كانت كراهيتُهم الشديدة وبغضَهم لبعضِهم البعضْ؟!

إنَّ نظرتَنا لأنفسِنا، وتخيلَنا لوجودِ أهميةٍ لنا نحن البشر. إنَّ ذلك الوهم: بأن لنا مكانةَ خاصة، للاستحواذ على هذا الكون. كلُّ تلك الأوهامْ، تعترضُها بقوةٍ.. نقطةُ الضوءِ الباهتِ تلك.

كوكبنا، هو ومضةٌ وحيدة، في فراغٍ كونيٍّ مظلم. خلال وجودنِا في هذا الظلام الهائل، لا نمتلك أيَّ دليلٍ بأن مساعدةً ستأتي يوماً من الخارج، لإنقاذنا، من أنفسنا. للآن، الأرض هو الكوكب الوحيد الذي يمكنه احتضان الحياة، ولا يوجد أيُّ مكانٍ –على الأقل خلال الفترة القريبة هذه- يمكننا الرحيل إليه. ربما يمكننا زيارة الخارج، أما البقاء خارجَ الأرض! فليس بممكنٍ بعد. سواءٌ أعجبتك الفكرة أم لا؛ هذا الكوكب: هو مصيرُنا.

يقالْ: إنَّ دراسةَ الفضاءِ تعلِّمُ التواضعَ، وتبني صورةً إنسانيةً في دارسِها. بالنسبة لي لا توجد أيّةُ طريقةٍ لإسقاطِ الصورةِ الوهميةِ المرتبطةِ بنا كبشر، أفضلُ من النظر إلى هذه الصورة البعيدة، لكوكبنا الأرض. بالنسبة لي، أن نتعامل بشكلٍ أكثرَ مودةً واحتراماً لبعضِنا البعضْ، لهو مسألةٌ تتجاوز جميع المسؤوليات. وأن نحمي، ونحافظ على “النقطة الزرقاء الباهتة”.

الوطن الوحيد.. الذي عرفناه.

موسيقي beethoven -melody of tears 

Listen to Ludwig van Beethoven - Melody of Tears by ppfx on #SoundCloud
https://soundcloud.app.goo.gl/RQMf2

نقطة زرقاء باهتة .. كارل ساجان .

ده جزء من خطاب كتبُه ڤان جوخ لأخوه ثيو . تقريبًا ثيو كان أقرب شخص ل ڤان جوخ ، وكان من عادته إنه يكتبله الخطابات دي ويحكي فيها عن حياته وأفكاره وحتي عن الأصوات ال كان بيسمعها والحاجات ال كان بيشوفها وعن إحساسه الدائم بالقلق وعدم اليقين ال بيجي بعد ما يبدأ يتأكد من أي حاجة ف يرجع تاني لنقطة الصفر . ومكنش مقتنع إنه مريض بس ف آخر حياته خضع لرأي كل ال حواليه وال منهم ثيو بإنه لازم يدخل مصحة ويتعالج فيها . ودي كانت فترة ف حياته مليئة بالإبداع . رسم لوحات من أجمل اللوحات ال رسمها ف حياته واكتسب منظور جديد عن الحياة وعن الرسم وده ظهر في لوحاتُه إنها بقت مختلفة من حيث الإضاءة والألوان وغيرها .
 ڤان جوخ كان فنان عبقري محدش فهمُه وهو موجود ومأخدش التقدير ال يستحقُه غير بعد ما فارق الحياة . 
.

لماذا لا يُمكننا السفر إلى النجوم ؟!

"... لا أعرف شيئاَ على وجه اليقين , ولكنني أعرف أن رؤية النجوم تجعلني أحلم .. كما أن تلك النقاط التي تمثل المدن و القرى على الخريطة تجعلني أحلم ..أسأل نفسي لماذا يكون الوصول إلى تلك النقاط المضيئة اللامعة في السماء أصعب من الوصول إلى النقاط الداكنة المظلمة على الخريطة ؟

ربما يكون الأمر أشبه بأن نأخذ القطار إلى تاراسكون أو روان ., ونحن نأخذ الموت وسيلة إنتقال إلى النجوم .. الحقيقي هنا بشكل قاطع هو أنه لن يُمكننا أن نذهب إلى أي نجم بينما نحن على قيد الحياة .. الموت فقط سيمكننا من أن نستقل ذلك القطار.

لذا فربما ليس من المستحيل أن تكون الكوليرا ..السرطان أو أي موت سريع هو نوع من وسائل التنقل السماوي , كما أن القوارب البخارية والسكك الحديدية هي وسائل تنقل أرضية.

أما الموت بسلام بعد أن يبلغ بنا الكبر فهو شبيه بأن نذهب نحو النجوم سيراً على الأقدام !

حسناً .. الآن سأذهب إلى الفراش فالوقت قد تأخر .. أتمنى لك حظاً سعيداً و ليلة جميلة.

المخلص : فينسنت. "


الموسيقي من فيلم pride and prejudice 

https://youtu.be/-vYY0aRH46I


safaa

Popular tracks