الحمد لله الذي يُحب المحسنين , والصلاة والسلام على رحمة الله للعالمين سيدنا محمدٍ الأمين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين .
كان الحديث في لقائنا الماضي أحبتـــــــــــي  حول قوله تعالى ..
وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .. مر معنا أن من معاني حُسن الإنفاق في سبيل الله أن نخلص إنفاقنا من أن نُشرك في قصدنا رضوان الله حظوظ أنفسنا , 
أن نتظاهر , أو أن نمن على من نعطيهم , وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ .. أي خـــــــــالصه لوجه الله الكريم .. لا للمن على من ننفق عليهم  ,  أيضاً لايكون شأن النفقة في سبيل الله مرتبط بالتظاهر أمام الناس  مرتبطاً بطلب الشهرة , أيضاً أن لايكون الإنفاق في سبيل الله  مرتبطاً بالمقاصد الدنيويه الضيقه , هذا ينفق ليمدحوه , وهذا ينفق ليمرر مايريده على الناس , وهذا ينفق للمكاسب السياسيه , وهذا ينفق لنيل الرئاسه .. أي المنزلة بين الناس .. وهذا .. وذاك .. وذاك , وكل من يفعل ذلك هو غير منفق في سبيل الله , لكن المصيبه الأكبر أن الذي يعلم من نفسه هو يعلم أنه أنفق من أجل المكانه والشهره , أنفق من أجل المصالح الضيقه , أنفق ليقبض من الناس ماهو أكثر بطريقةٍ أخرى مع أنه يعلم من نفسه ذلك هو أيضاً يتوهم , ويمني نفسه أنه أنفق في سبيل الله .

ليس النفقة في سبيل الله هكذا , الذي ينفق في سبيل الله لا ينتظر من الأخرين مقابل .. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا.. صاحب هذا الحال قصده من النفقه أن يرضى الله عنه , أن يحبه الله , وفي هذا الحال يكون من المحسنين إذا أستشعر المرء أن المال مال الله , والرزق عطاء الله .
يقول سيدنا الحسن البصري رحمه الله تعالى مُجيباً على من سأله : لماذا تُعظم الفقراء المحتاجين عندما يسألونك ؟ .. إذا جاء الفقير يطلب منه يُعظم الفقير كثيراً , ويُجله , ويحافظ على كرامته . 
فقالوا له لما تفعل ذلك ؟ .. قال : إنهم حُمّالُ زادنا إلى الآخره .. اللـــــــه .. بمعنى أنهم هم أصحاب الفضل علينا , المحتاج عندما يأخذ منك أنت تُعطيه وسخ من وسخ الدنيا يتبلغ به في حياته , لكنه هو يكون سبباً في أن تُعطى  أنت الأجر الذي لايفنى في الآخره , أنت تسببت في وصول الدراهم أو الطعام إليه , لكن هو تسبب في وصول رضوان الله إليك .
 تأمــــــــــل ..
 هذا الفقير الذي يأخذ منك وأنت صادق في سبيل الله تريد الإحسان إليه هو يُعطيك شيئاً أكبــــــــــر .. أتعلم ماهو ؟ .. إن الله يُحــــــــــــــــــــب المُحسنين .. أي أنك تتسبب في إعطائه المال , لكنه هـــــــــــــــــو من يتسبب في أن تبلغ أنت رتبة المحبوبيه .. أعطيته المال .. فأعطاك حُب الله .. فمن المتفضل على الآخر ؟ .. 
دعونا نرتقي في نفقتنا لتكون في سبيل الله , نُعظم المحتاج , ونجل الفقير , ولا نمن عليه , ولا نخلط مقاصدنا بمقاصد أخرى .
اللــــــــــهم إجعلنـــــــــــــا من أهــــــــل هـــــــــــــذا الوصف لننـــــــــــــــال حُبــــــــــــــــــــك .
والســـــــــــــــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


إن الله يحب | الحلقة 4 | علي الجفري

الحلقة الثالثة من البرنامج الإذاعي الرمضاني
#إن_الله_يحب

الحمد لله الودود .. والصلاة  والسلام على بدر السعود سيدنا محمد الحامد المحمود وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الورود .. وبعد ..
أحبتــــــــــــي ..
مازال الحديث عن معنى حُب الله لنا , وحول أثر ذلك علينا وعلى صلتنا بالأخرين .
 
واليوم نشرع في الحديث عن آيةٍ من الآيات وجه الله تعالى فيها المحبه إلى معناً من الصفات إذا أتصفنا  بها نلنا حُب الله .
يقول سبحانه وتعالى وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ .. وَأَحْسِنُوا .. وَأَحْسِـــــــــــــــــنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِـــــــــــبُّ الْمُحْسِنِينَ , فالله سبحانه وتعالى يُحب المُحسن , هنا إرتبط الإحسان بسلوك , بمعنى أرتبط بالنفقه في سبيل الله وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ , أنفقوا أي أبذلوا , أعطوا تصدقوا , أعطوا المسكين , الفقير , المحتاج , المعسر , أعط القريب , الرحم , الجار .. بمعنى عود نفسك معنى العطاء , درب نفسك على النفقه لأنك أنت المحتاج إلى أن تنفق .. أنتبه .. لا تتوهم عندما تنفق أنك تنفق لأن الأخرين محتاجون إلى نفقتك .. هذا خلل في الفهم .
 نعم قد يكون الفقير الذي تُعطيه في صورة الحاجه , لكن إنتبه .. هو محتاج إلى النفقه لكنه ليس محتاج إلى نفقتك أنت , هو محتاج إلى رزق الله , والله سبحانه وتعالى قدير , رزاق , هو قادر على أن يوصل إليه النفقة التي يحتاجها من غيرك .. أن يجعل لها سبب آخر , غير أن الله لما علم أننا نحن في حاجةٍ إلى أن ننفق , إلى أن نساعد , إلى أن نُعطي , جعل الله عز و جل هذا العطاء يجري على أيدينا  لتنقية أنفسنا و وقايتها من الشح , وقاية النفس من الشُح مطلب لتنقية النفس وترقيتها .
 لهذا عندما تأتيك فرصة أن تعطي غيرك .. إحذر أن تشعر في نفسك بالمن عليه بأنك أعطيته .. قال بعض العارفين بالله من علامات المن الخفي , هناك من ظاهر .. أنا أعطيتك , أنا تفضلت عليك , وهناك منُُ خفي أي يكون في القلوب وهو ظُلمه .
 لو أنك أحسنت إلى إنسان فأساء إليك وأساء إليك إنسان آخر أنت لم تحسن إليه .. من أيهما يكون غضبك أكثر ؟ .. الجواب مباشرة .. بالطبع أنا أغضب من الذي أحسنت إليه , إتق شر من أحسنت إليه , فأنت تغضب أكثر من إساءة من أحسنت إليه أكثر من أن يسيء إليك من لم تحسن إليه .
قال ذلكم العارف بالله هذا علامه على وجود مناً خفي في النفس , إذ أنك لو لم تحمل في نفسك المن عليه , أو الشعور بأنك متفضل لما غضبت .
طهر الله قلوبنا من ظلمة المن .. وللحديث بقية في معنى الأية وأسرارها إن شاءالله عز و جل .
والســــــــــــــــلام عليكم ورحة الله  وبركاته .    


إن الله يحب | الحلقة 3 | علي الجفري

الحمد لله الكريم الوهاب .. وصل الله على سيد الأحباب .. سيدنا محمد وعلى آله والأصحاب وتابعيهم على مسلك الإقتراب .
وبعد ..
كانت الحلقات الماضيه في بعض معاني الآية الكريمة .. وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .. 
ولولا خوف الإطالة , وإنتهاء الحلقات قبل تأمل الآيات الأخرى لكان هناك المزيد .. فالأيه خـــــــــــــــــــــــــــــــــــــزانة ملأ بالمعاني .

ولكن في قوله تعالى وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .. ملمح يرتقي بقلوبنا إلى أن نجعل الإحسان هو طلب حب الله لنا .. بمعنى .. إذا أحسنا نحسن لننال حب الله , لا نحسن ليُقال أحسنوا , ولا نحسن لحظوظ أنفسنا من الإحسان , ولكن نحسن لأن الله يُحب المحسنين .
جعلنـــــــــــا الله وإيــــــــــــــاكم منهم .. 

واليوم نبدأ الحديث عن أية أخرى أيضاً تذكر المحسنين , فقد قلنا أن خمس آيات من القرأن فيها أن الله يُحب المحسنين , لكن معان الإحسان في كل آيه تختلف عن الأخرى , وتشترك معها في معنى أو لا , ولكن لها منحى مختلف .
 اليوم نفتتح الحديث عن آيتين كريمتين .. يقول سبحانه وتعالى وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ .. من هم هؤلاء ؟ ..الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ .. يُـــــــــــــــحِبُّ ... وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
هذه الأيه فيها معنى يتصل بالتي قبلها .. يقول : وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ .. أنظروا إلى المعنى الجميل هنا وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ .. وكأن المغفره أمامنا فقط تتطلب أن نُسرع إليها .. بمعنى أن المغفره قريبه منا .. بمعنى أن اللـــــــــــــــــــــــه قد أخذ بأيدينا وسلم لنا طريق المغفره , وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ .. وأمر آخر .. وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ... لمن ؟ .. أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ .. 
يارب من هؤلاء المتقون ؟ .. أهم الذين يكثرون الصلاة , والصيام والحج , والأعمال من تلاوة القرأن .. لا شك أنها من معاني التقوى لكن التقوى هنا أرتبطت بأعمال .. أعمال لها صله بالناس , بتعاملاتنا مع الناس لعظمة ديننا الذي جعل القرب من الله لا يقتصر على النُسك في العباده , بل يتعداها إلى المعاملة ..
وقد أدركنا الوقت , وإلى لقـــــــاء بإذن الله في هذا المعنى في الحلقة القادمه .
رزقنــــــــــــتا اللـــــــــــــه وإيــــــــــاكم العمل 
والســــــــــــــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته.        

إن الله يحب | الحلقة 7 | علي الجفري

الحلقة الخامسة من البرنامج الإذاعي إن الله يحب للحبيب علي الجفري

الحمد لله دائم العطاء , والصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى وعلى آله وصحبه ومن لنهجه مقتفى .
أحبتـــــــــــــــي ..
مازلنا في الحديث عن أية .. وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ..
 وأنفقـــــــوا في سبيــــــــــــل اللـــــــــــه  .. من معانيها أن الإنسان عندما يُنفق يستشعر أن نفقته هذه لا تنقص من رزق الله الذي أعطاه .. كيف هذا المعنى ؟ .. إن أنفقت مئة جنيه , أو مئة ريال , أو مئة درهم .. في حال النفقه .. المئه تنقص من الألف التي عندك فكيف نفهم أن ماننفقه لايُنقص مما عندنا ؟ .. المفهوم هنا يتصل بحقيقة هي أعظم وأعمق من الأرقام التي تزيد وتنقص , هذه الحقيقه تتصل بالبركة في الرزق , كما أنها تتصل في فتح أبواب الرزق الأخرى التي لم تكن مفتوحه , كما أنها تتصل بمضاعفة أنوار الرزق المعنوي .
فهناك رزق حسي يُحسب بالأرقام , وهناك بركة في هذا الرزق الحسي في أن يجعل الله الإنتفاع بالقليل أعظم من الإنتفاع بالكثير .
 وهناك فوق هذا رزق معنوي , رزق الفهم , رزق الذوق , رزق القرب من الله , رزق الهدايه , رزق الحفظ للأبناء والأهل , رزق حماية المال , ولهذا ورد مانقص مال من صدقه .
ولهذا جاء في بعض الروايات ما هلك مالُُ في بحرٍ أو برٍ إلا بحبس الزكاة .. بمعنى أن حماية المال من التلف ترتبط بمعنى أداء حق الله من الزكاه .
 المال الذي يُنفق إما أن يكون نفقة واجبه , أو نفقة مستحبه , النفقة الواجبه .. الزكاة , النفقة الواجبه .. النذر , والنفقة المستحبه .. أن تُعطي الآخرين .
 أما النفقة الواجبه فهي حق للمسكين , وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ .. فهي ليست على سبيل الإختيار أو التفضل على الآخرين , هي ملك لهم .. أي أنها دين عليك لهم , هي من حقوقهم إذا لم تعطهم كأنك سرقت .. أو حبست حقوق الآخرين .
 والنفقه المستحبة هي مايكرمك الله تعالى به من فتح أبواب العطاء للأخرين , وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ .. هذا الإنفاق في سبيل الله على هذا المعنى الذي نتحدث به هو .. عطاء لك أنت وهو عطاء في الدنيا قبل الآخره , وعطاء في الدنيا والآخره حُـــــــــــــــب الله لك إن اللــــــــــــه يُحِـــــــــــــــــــــــــــــبُ المُحسنين . 
جعلنــــــــــــــــا اللــــــــــــــــــه وإيـــــــــــــاكم من المحبــــــــــــــــــــــوبين , وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
 والســـــــــــــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته  


إن الله يحب | الحلقة 5 | علي الجفري

الحمد لله الغفار الستار , وصل الله على حبيبه النبي المختار وعلى آله وصحبه ومن على نهجهم قد سار .. وبعد ..
أحبتـــــــــــــــــــــي .. 
إبتدأنا في الحلقة الماضيه حديثاً عن الأية الثانيه التي يقول الله سبحانه وتعالى فيها .. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ , وذكرنا أن الأيه التي قبلها قال الله تعالى فيها وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ .. قلنا أن كلمة المتقين لا تقتصر على العبادات الخاصه وترك المحرمات الخاصه , لا تقتصر فقط على الصلاة والصيام والحج وترك المعاصي التي تتعلق بأشخاصنا , وإن كان هذا الأمر مهماً وعظيماً , ولكنها تتعدى ذلك إلى تعاملاتنا مع الناس ,

لهذا أسمعوا .. 
قال تعالى في وصف هؤلاء المتقين .. من هم هؤلاء المتقون هنا يارب الذين لهم المغفره والجنه ؟ .. قال .. الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ  .. هذا الوصف الأول ينفقون في السراء والضراء . الوصف الثاني .. وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ  , الوصف الثالث .. وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ , والثــــــــــــــــــمره .. إن اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .

إذاً .. التقوى ليست فقط المعاملات بين الإنسان وربه , لكن التقوى هنا معاله مع الخلق , ولهذا نحتاج إلى وقفات مع هذه الأوصاف .

يقول سبحانه وتعالى الَّذِينَ يُنفِقُونَ .. تتذكرون في اللقاءات الماضيه كان هناك حديث طويل عن النفقه روكيف تكون في سبيل الله , هنا ذكر الله سبحانه وتعالى ملمح آخر للنفقه وهو أن تكون النفقه  مستمره في السراء والضراء .. 
طيب في السراء فهمنا , إنسان عنده سعه من المال , عنده سعه من الأسباب , عنده آمان , عنده فيض زائد مما عنده من المال , أو الوقت ولهذا يُنفق منه , لكن صاحب الضراء .. صاحب الفقر , صاحب الحاجه , صاحب المصائب , صاحب المحن كيف يُنفق ؟ كيف يُخاطبه الله تعالى بالنفقه ؟ 
قالوا نعم كلٍ ينفق على قدر السعة التي لديه , ولكن هذا النوع من النفقه في الضراء فيها ترقية لليقين والثقة بالله , فعندما تنفق في وقت المحنه , في وقت الحاجه , عندما تؤثر الأخرين على نفسك .. فأنت هنا في حال ثقة بعطاء الله عز و جل .. أنت في هذه الحاله تقول لربك .. يارب مع المحنه التي أنا فيها والحاجة والفقر غير أن ثقتي بك تجعلني أُنفق حتى وأنا في حال الحاجه , وقليـــــــــــــل المحتاج في النفقه يفوق كثيــــــــــــــــــــــــــر الذي يُنفق في السراء ولهذا قيل سبق درهم مئة ألف درهم ..
 لأن صاحب الدرهم هنا قسم ماله بينه وبين المحتاج , وصاحب المئة ألف قد أنفقها ربما من كثيرٍ لديه .
ولدينا تكملة في هذا المعنى في الحلقة القادمه إن شاءالله .
جعلنــــــــــــــا اللـــــــــــــــــــه وإيـــــــــــــــــاكم من أهل هذا الوصف .
والســـــــــــــــــــــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته     

إن الله يحب | الحلقة 8 | علي الجفري

الحمدلله صاحب الفضل العظيم , وصل الله وسلم على نبيه الكريم وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه القويم .. وبعد ..
أحبتـــــــــــــــــي ..
 كان الحديث في اللقاء الماضي عن معنى الحديث في الإنفاق في السراء والضراء ., لماذا جعل الله من الإحسان الذي يحبنا إذا قمنا به أن ننفق في السراء والضراء ؟  

مر معنا أن الإنفاق في الضراء في وقت الحاجه والمحنه فيه كسر لشُح النفس , فيه  إبراز الثقة بالله عز و جل , فيه التقرب إلى االله بمايحب في أشد الأوقات . 

ذكروا أن سيدنا عثمان إبن عفان رضي الله تعالى عنه جائت إليه قافله من تجارته في سنة كانت شديده على الناس , والفقر فيها قد عض على الناس , والحاجه أشتدت .
فأجتمع إليه بعض تجار المدينه فقالوا له : تبيعنا القافله نعطيك فيها ضعف الثمن ؟.. فقال : هناك من أعطاني أكثر .. نعطيك الضعفين .. قال : هناك من أعطاني أكثر .. نعطيك الثلاثة أضعاف .. قال : هناك من أعطاني أكثر .. قالوا مازادك الإسلام إلا طمعاً ! نعطيك خس أضعاف .. قال : هناك من أعطاني أكثر .. قالوا من هذا الذي وعدك .. مانعرفه .. لا نعرف في المدينة تجار غيرنا .. قال : إن الله أعطاني أكثر مما أعطاكم  فقد وعدني بالحسنة عشرة أمثالها إلى سبع مئة ضعف ألا وإني قد جعلتها صدقةً على الفقراء .

هذا إنفاق في وقت محنه , في وقت سيدنا عثمان بنفسه كان معرض للفقر والجائحه إذا أنفق هذه التجاره التي لديه , بل لقد ورد أن سيدنا عثمان رضي الله عنه خرج من ماله مرتين , تعرفون مامعنى خرج من ماله ؟ .. يعني أنفق جميع ثورته , وأبتدأ التجاره من جديد .. مرتين أنفقها في سبيل الله .

الإنفاق في الضراء باب من أبواب المعاملة الراقية مع الله عز و جل .
 لهذا ولو كنت فقيراً محتاجاً .. أخرج الجنيه فهو عند الله أثقل من أضعافه عند غيرك التي تأتي من غني لا تضره شيئاً , أنفق ولو ريالاً , درهماً , أنفق لم يبق معك شيء من المال وأنت في الضراء أنفق إبتسامة صادقه .. تبسمك في وجه أخيك صدقه .
أنفق المساعده الجسديه التي بالبدن إحتاج ضعيف أن تساعده لتعبره الطريق , إحتاج أعمى لأن تأخذ بيده لتدله , إحتاج ناقص معرفه إلى أن تساعده في مذاكرة أو في تعليم , إحتاج جار لنقل بعض متاعه , إحتاج محزون إلى إدخال السرور عليه , إحتاج متألم أو صاحب جرح في نفسه .. إلى ضمة أو مسحةٍ .. فهذا كله من الإنفاق في سبيل الله .
 فأطلب معنى الإنفاق في السراء والضراء يفتح لك الله أبواب الإحسان التي تنال بها رتبة المحبوبيه .. وللحديث بقيه بفضل رب البريه .. جعلنـــــــــــــــــا وإيــــــــــــــــاكم من أهل صفاءٍ النيه وصدق الوجهة العلويه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
والســـــــــــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


إن الله يحب | الحلقة 9 | علي الجفري

الحمد لله  الحفيظ .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد بحر الكرم الذي لا يغيض وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين .
مازلنا في طلب حُب الله لنا .. في الحديث عن أول أية إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .. قال تعالى : وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ .. ماهو الصلة في هذه الأيه بين النفقة في سبيل الله , وبين الإلقاء بالنفس في التهلكه ؟ .. أو إلى التهلكه ؟ .. وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ.. ماهي التهلكة هنا ؟ .. أما حبس المال الواجب الفرض إنفاقه كالزكاة والنذر , عرفنا معنى التهلكه لأن من يحبس الزكاه أو يُغالط فيها , أو يُعطيها لأناس ينتظر منهم في المقابل مصلحه دنيويه , تعط موظفين حتى تسترضيهم فيحسنوا لك في العمل , تعط موظفين في كان آخر حتى يمرروا معاملاتك .. هذا خلل في الزكاه ولو كانوا من مستحق الزكاه .. إلا .. إذا أوصلتها إليهم دون أن يعلموا أنها منك وبذلك تنجو من إيرادة التلاعب , من فعل التلاعب بحقوق الناس , أما إذا كانوا من غير المستحقين فهذا لعب وعبث يُلقي بصاحبه إلى التهلكه .

إذا حبس الإنسان الزكاة أو النذر .. إذا نذر بمال .. اللهم أن يسرت لي كذا .. فلك عليّ أن أنفق كذا , نذرت لله إن نجح ولدي أن أطعم كذا وكذا فقير .. هذا نذر يجعل المال حق لمن نذرت من أجلهم .

التهلكه هنا أولها تهلكة في الدنيا .. وهو بأن يتلف المال يتدمر .. مامعنى يتلف أو يتعرض للدمار ؟ .. هناك كثير من التجار يحبسون الزكاه ومع ذلك لاتذهب أموالهم .. صحيح .. معنى تلف المال إما أن يكون بالتلف الحسي يحترق المخزن , تحصل مصيبه , يُسرق , هكذا .. هذا تنلف حسي .

وهناك تلف معنوي , وهو ذهاب الإنتفاع المبارك من المال , أو حصول المصائب مقترنة بوجود المال , وهناك نوع آخر متصل بالآخره .. وهو العقاب الكبير , الذي يأتي حابس الزكاة فيه يوم القيامه وقد عرضه الله للعقويه بسبب إثاره للمال على الحقوق .. فيؤتى بالمال ويُحمى و يُكوى به ..
 عــــــافـــــانـــــا اللـــــــــــه وإيــــــــاكم من ذلك .

ثم هناك نوع آخر من المال الذي يُنفق وهو مال ليس بواجب , ليس بزكاة ولا بنذر , هذا المال يُطهر  صاحبه .. من ماذا يُطهره ؟ .. يُطهره من بعض المم من الذنوب , من المعاصي , أيضاً يُطهره من البخل الدخيل في النفس , أيضاً يُطهره من ضعف اليقين .. ضعف اليقين يورث الإنسان الخوف من الفقر , الخوف من الغد , وهو الذي أستعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال أعوذ بك من الفقر .. أي خوف الفقر الذي يعيش الإنسان به مهدد .
رزقنـــــــــــــــــــــــا اللـــــــــــــــــــه وإيـــــــــــــــاكم اليقين .. وللحديث بقية .
والســــــــــــــــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

إن الله يحب | الحلقة 6 | علي الجفري

الحمد لله , والصلا والسلام على حبيبه ومصطفاه وعلى آله وصحبه ومن والآه .
أحبتــــــــــــــــي .. لا يزال الحديث فيما بيننا عن معنى كظم الغيظ .
كظم الغيظ هو الصفه الثانيه للمتقين كما جاء في الأيه , التي جعل الله أصحاب هذه الأوصاف التي وردت فيها من المحسنين الذين يحبهم .
ومر معنا في الكاظمين الغيظ أنهم الذين يمنعون الغضب من أن يتحكم فيهم .
 أول فائده أنت التي تجنيها .. وهي  أنك تنتصر على نفسك .. النفس هنا تدعوك إلى إنفاذ الغيظ إلى الضرب , إلى الشتم , إلى التعدِ .. إلى ردة الفعل , والله سبحانه وتعالى يُخاطبك بأن تكظم غيظك .
 فهل تترك ماتريد لما يريد سبحانه وتعالى ؟ ..
 في هذه الحاله أنت أحببت الله , لأن الذي يُحب يترك مايرد لما يريده حبيبه , فأنت نفسك في هذه الحاله تريد أن تنفذ الغضب , ومحبوبك الأعظم سبحانه وتعالى يرغبك في أن تكظم الغيظ .. فهل تقدم مراد نفسك على مراده ؟ ...  أم تقد راده على مراد نفسك ؟ 
هذه القوه .. أن تضبط نفسك .. يأتي الشيطان ليوهمك بأن هذا ضعف .. يقول لك بأنك إذا كظمت الغيظ  إذا لم ترد الإساءه بالإساءه .. سيستضعفك الناس , سيطأونك بأقدامهم , سيحتقرونك , سيعتادون الإساءه إليك .. وفي هذه الحاله لن تستطيع أن تكون محترماً بين الناس .. هذا الزمان تغير ليس كما كان الناس في السابق .. الذي يعاملهم بهذه الطريقه يستضعفونه , ويعتادون أن يهينوه ... 
هذا رأيك , هذا ماتريده نفسك ماتقوله نفسك , هذا فهم النفس .. 
لكن تعالوا ننظر في فهم سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم .. ما ازداد عبد بعفوٍ إلا عزه .. حبيبك صلى الله عليه وآله وسلم يقول أنك عند العفو , أنك عند كظم الغيظ لا تزداد إلا عزاً ونفسك تقول أنك ستُذل .. أيهما أولى بالتصديق ؟ .. حبيبنـــــــــــــــا صلى الله عليه وآله وسلم .
فكظم الغيظ أنه يقوي الإنسان على نفسه فيغلبها وتغلبه هو أيضاً يورث الإنسان العز في الدنيا والآخرة .

الخصلة الثالثه وهي العفو .. 
طيب خلاص كظم الغيظ مالفرق بين كظم الغيظ والعفو ؟ قال لا .. كظم الغيظ أنك لاترد بمثل الفعل , أنك لا تواجهه الإساءه بمثلها , أنك لا تنفذ غضبك , لكن العفو شيء آخر , لأنك قد تضبط نفسك , لا تسب  لا تلعن  لا تضرب  لا تشتم .. ولكن تعود إلى البيت وقلبك ملأن بالغل .. أنت حاقد أو حاسد أو كاره  لهذا الذي أساء إليك , أنت لا تستطيع أن تسامح ..
 إذاً تحتاج بعد كظم الغيظ إلى أن تعفو وأن تسامح , لماذا تعفو وتسامح ؟ .. مالذي يعينك على العفو والمسامحه , كيف تستخرج العفو من قلبك مع أنه شعور وليس شي يسهل التحكم فيه .. هذا مايأتي الحديث عنه إن شاءالله تعالى في اللقاء القادم .
جعلنـــــــــــــــــــا اللـــــــــه وإيـــــــــــــــــاكم من أهل الصفات التي يحبها .. والله يحب المحسنين .
إن الله يحب المحسنين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
 والســــــــــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 


إن الله يحب | الحلقة 11 | علي الجفري

الحمد لله ولي الصابرين ..  والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين .
كان الحديث في اللقاء الماضي عن الإقتران بين كظم الغيظ والعفو عن الناس .
لأن هذه من صفات المتقين الذين يحبهم الله تعالى , المحسنين الذين يحبهم الله تعالى كما جاء في الأيه .
رغبنا الله في كظم الغيظ كما قلنا في اللقاء الماضي , ورغبنا بالعفو , وقلنا أن الإنسان قد يكظم غيظه ولكن يبقى في قلبه من الكراهيه والغضب والحقد ىشيء إتجاه من أساء إليه .. 
طيب .. ماذا يحتاج حينئذٍ ؟ .. يحتاج إلى العفو .. هنا سائل .
المسأله الأولى : أنها تبتديء من معنى كظم الغيظ , الا أُصدق نفسي في دجلها , في كذبها علي أني كظمت الغيظ , مثاله :
أحدهم دخل عليك بسيارته .. أي قطع عليك إتجاه سيارتك حتى كدت أن تستطدم ففرملت بسرعه أوقفت السياره .. كبحتها .. أنت غضبت تريد أن تضرب , تريد أن تسب , تريد أن تقول له أنت أعمى ما تُبصر!
ولكنك تذكرت قوله تعالى .. وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ .. نفسك قاومتك .. غالبتها قاومتها حتى ضبطها لم تسب , لم تلعن , لم توقف السياره لتنزل لتضارب .. تخانق .. 
لكن تجاوزته وصلت إلى جانبه بالسياره فلم تصبر في تلك اللحظه فنظرت إليه نظرة الغضب , أو أشرت بيدك لوحت ... مالذي حصل هنا ؟..
الذي حصل هنا أنك الحمد لله الخطوه الأولى وفقت فيها , أكرمك الله بأن تنصر على نفسك وهذا خير , لكنك ضعفت في اللحظه الأخيره فأستجبت لإرادة نفسك التعبير .
بقدر ماتضبطها في كظم الغيظ .. تعطي مقدمه للعفو .
طيب مالذي يستخرج العفو من النفس ؟
يعني النفس غاضبه , متضايقه , كارهه وأنت كتمتها ومنعتها عن التعبير , لم تخرج ما في داخلها .. فكيف تستطيع المسامحه ؟! .. رغبنا اللــــــــــه في العفو .

يقول سبحانه وتعالى .. وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ...  أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ؟؟ .. سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه كان له قريب من أقاربه ..  
هذا القريب كان سيدنا أبو بكر يُنفق عليه لأنه كان محتاجاً .. فلما جاء حديث الإفك في حق سيدتنا الطــــــــــــــاهره الصديقه عائشه رضي الله عنها  أم المؤمنين .. تكلم مسطح صدق الكلام فتكلم في عرض النبي صلى الله عليه وسلم في السيده عائشه , فلما أنزل الله آية البراءه  و أُقيم الحد .. حد الفريه على من أفترى سيدنا أبو بكر تألم .. يعني هذا أنا أنفق عليه و أساعده .. ومن أقاربي ومن رحمي كيف يخوض في عرضي عرض النبي .. لم يسبه لاسيدنا أبو بكر .. لم يتكلم عليه لم يهاجمه , لم يضربه , ولكن أقسم ألآ يُنفق عليه , قال هذا الذي خاض في عرضي وعرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقسم بالله لن أُساعده .
فأنزل الله سبحانه وتعالى آيه في القرأن يُعاتب فيها سيدنا أبي بكر .. 
وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ .. يعني لا يمتنعون عن النفقه على الأقارب على الحتاجين ولو أذوهم , في آخر الآيه يقول .. وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ  ... فقال النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي بكر .. يا أبا بكر ماصنعت ؟ قال : يارسول الله لا أعلم أني  صنعت شيئاً .. يعني لم يفهم المقصود أو لم يتضح له , فقال : أنزل الله فيك آيه وتلاها عليه .. فبكى سيدنا أبو بكر .. قال : نعم يارسول الله أقسمت ألآ أُنفق على مسطح .
آما وإني أُشهدك إني سأُكفر عن يميني وأُنفق عليه , لما قال الله تعالى أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ .. قال : بلى يارب .
فإذا أردت أن تستخرج العفو من نفسك تذكر أنك بقدر ماتعفو تنال حُب الله عز و جل .
وفي اللقاء القادم حديث عن كيفية التنفيذ , كيفية حصول العفو .
رزقنــــــــــــــــا اللـــــــــــــه وإيـــــــــــــاكم كمــــــــــــــــال ذلك وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين .
والســـــــــــــــــــلام عليكم ورحة الله وبركاته .   

إن الله يحب | الحلقة 12 | علي الجفري

الحمد لله صاحب العطاء الذي لا ينفذ ,  والصلاة والسلام على سيدنا محمد صادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين .

كان حديثنا في الحلقتين الماضيتين حول قوله سبحانه و تعالى وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ .. وتسائلنا من هم هؤلاء المتقون ؟ .. فكان أول وصف من أوصافهم  الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ  .. وتأملنا أن هذا الوصف للمتقين هو وصف يتعلق بتعامل الناس مع بعضهم البعض ليس مقتصراً على العبادات الخاصه بين الإنسان وربه من صلاة وصيام وتلاوه .
فكان الحديث عن معنى الإنفاق في السراء والضراء وإيثار الله تعالى على أنفسنا .

من هذا الإنفاق أيضاً .. الإنفاق على الأبناء , على الزوجه , على الوالدين .. نعم هو من الإنفاق المحمود في سبيل الله في السراء والضراء , إن كنت محتاجاً وفقيراً وهفت نفسك أو رغبت , أو أشتاقت إلى شيء من متاع الدنيا , أردت أن تشتر لنفسك ثوباً جديداً ثم نظرت فوجدت أبنائك في حاجة أيضاً إلى ثوب جديد أو أكثر , وجدت زوجتك بحاجة إلى طعام آخر , وجدت والديك بحاجة إلى دواء فتركت ماتحتاجه أنت لتعطيهم مايحتاجون إليه , دخلت في بركة المنفقين في السراء والضراء .

مر معنا أيضاً أن من معاني النفقه عند من لا يجد أي شيء ينفقه أن تبذل العون والمساعده , فكل ذلك من النفقه .

ثم ذكر الله سبحانه و تعالى وصف ثانياً للمتقين الذي يحبهم هنا ويصفهم بالمحسنين .. الآ وهو قوله سبحانه  و تعالى .. وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ .. العطاء في المال بالإنفاق في السراء والضراء هذا معنى .
المعنى الثاني .. وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ .. تـــــــــــــــــــــــــأملــــــــــوا .. 
في والوصف الأول عطاء .. في الوصف الثاني منع , في الوصف الأول إقدام .. في الوصف الثاني إحجام , في السابق أعط .. وفي اللاحق إمنع .
مامعنى إمنع .. أن تغتظ .. أساء إليك أحد سبك , شتمك , ضايقك , دفعك في حال ضيقٍ , أو غضبٍ , دخل على سيارتك بسيارته حتى كدت أن ترتكب حادثاً ثم سلمك الله , أساء إليك بأي نوع من الإساءه .. 
هذا بطبيعة البشريه يورثُ النفس الغضب , الغيظ , وتبدأ النفس تُخطابك بأن تنفذ هذا الغيظ , تُخاطبك بأن ترد , تُخاطبك بأن تُسيء , في هذه اللحظه أنت محتاج إلى أن تضبط نفسك , أن تمنع نفسك .
 ماصلة ذلك بالتقوى ؟ .. 
صلة ذلك بالتقوى بأنك هنا تترك لله , التقوى أن تفعل لله و تترك من أجل الله .
هنا أنت ستترك شيء نفسك تطالبك به , قال الإمام الشافعي من أستُغضب ولم يغضب فهو حمار .. أي أنه مخالف للبشر .. وفي نفس الوقت النبي صلى الله عليه وسلم يقول .. لا تغضب , معنى هذا أي لاتنفذ غضبك , كما يقولون باللهجه العاميه .. ماتفشش غِلّك .. بمعنى .. لا تُنفذ غضبك في الناس .
وللحديث بقيه حيث أدركنا الوقت .
جعلنـــــــــــــــــــــــــــــــــا الله وإيــــــــــــــــــــاكم من الكاظمين الغيظ وآخر دعونــــــــا أن الحمد لله رب العالمين .
والســــــــــــــــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 

إن الله يحب | الحلقة 10 | علي الجفري

الحلقة 14 من البرنامج الإذاعي: إن الله يحب
الحمد لله الكريم الوهاب .. والصلاة والسلام على دُرة الأحباب عالِ الجناب وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الإياب .. وبعد ..
كان الحديث في اللقاءات الماضيه عن أوصاف المتقين الذين يُحبهم الله ويصفهم بالمحسنين .

مر معنى أنهم الذين ينفقون في السراء والضراء , وأنهم الكاظمون الغيظ والعافيين عن الناس .. أنهم أهل العفو عن الناس .. الخصله التي تليها .. قال تعالى .. وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .
الإحسان هنا مرتبط بالإنفاق في سبيل الله , الإنفاق في السراء والضراء .. مرتبط بكظم الغيظ , مرتبط بالعفو هناك شيء آخر ؟ ... 
نعم ... وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .. أي أنك إذا أستطعت بعد كظم الغيظ , بعد العفو والإنفاق في السراء والضراء .. أن تزيد على العفو وكظم الغيظ .. أن تُحسن إلى من أساء إليك .
كمــــــــــــــــان نحسن إليــــــــــته ؟!! لايكفي أكظم غيظي وأعف عنه !! ... تنال حُب الله .. إنَّ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 
حب الله كبير وغالي , ومهما أنفقت في سبيل الحصول عليه فهو قليل .

كانوا يذكرون عن سيدنا علي زين العابدين إبن سيدنا الحسين عليهم السلام .. دُرة آل البيت في عصره وسيد التابعين في المدينه .. 
أنه كان له أخد الخدم في بيته جاء مستعجل ومعه قدر .. وسقط هذا القدر على طفل من أطفاله فمات من ساعته .. وسيدنا زين العابدين ينظر .. تخيل .. هذا الخادم بإهماله قتل ولده الطفل الصغير .. فغضب سيدنا علي زين العابدين , والبشر يغضبون .. لما لاحظ الخادم هذا الغضب خاف على نفسه فخاطب سيدنا علي زين العابدين مباشرة بهذه الأيه قال له .. وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ ... فتوقف سيدنا علي زين العابدين , وقال له : كظمنا غيظنا .
 فتعجب من سرعة الإستجابه هذه , وطمع فيما هو أفضل .. قال ربما اليوم يكظم غيظه وغداً لا يكون قد عفى عني ينتظر لي خطأ آخر ليحاسبني على الإثنين ..... قال له .. وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ  ... فقال له سيدنا علي زين العابدين : عفونا عنك .. فطمع في هذا الفضل الكبير ..
 وقال له ... وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .. قال إذهب فأنت حر .. اللـــــــــه الله الله ... كظم غيظه , عفى عنه , أعتــــــــــــقه  .. وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ..
لماذا أستحضر الخادم هذه الأيه ؟ ... لأنه يعلم أن الذي أمامه وقّـــــــــــــــــافُُ عند حدود الله , متذوق لخطاب الله .
سيدنا العلي إبن الحسين صاحب الألف الركعه .. تلميذ أبيه سيدنا الحسين وتلميذ ساداتنا الصحابه الذين أدركهم فلا يُستغرب ذلك .
لكـــــــــــــــن إنتـــــــــــبه .. لا تقول ذاك سيدنا  زين العابدين أين أنا منه !! فتشبه إن لم تكون مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح  إنَّ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 
جعلنـــــــــــــــــا اللـــــه وإيـــــــــــــــــــــــاكم منهم وآخر دعوانا أن الحدلله رب العالمين .
والســــــــــــــــــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته .   

إن الله يحب | الحلقة 14 | علي الجفري

إنسان مسلم سني يحترم الجميع إجلالا لخالقهم
الحساب الرسمي للحبيب علي الجفري The Official Account of Habib Ali
Al Jifri
محاضرات ولقاءات وبرامج تلفازية صوتية

إن الله يحب | الحلقة 5 | علي الجفري

alhabibali

Recent comments

Najwa Habeba

user18909629

Related tracks