
بَدرٌ تُضَوِي بِالسَّمَاءِ وَهْيَ لَا تَدْرِي
وَعِطرٌ يُصِيبُ شَذَاهُ حَيْثُمَا تَسْرِي

عَيْنَاهَا إِنْ تُغْمِضَا يُظْلِمُ الكَوْنُ
فَفِيهِمَا مَنَازِلُ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ

لَحَظَاهَا نَهْرَانِ مَنْبَعُهُمَا عَيْنَانِ
يَفِيضَانِ بِالجَمَالِ فَيْضًا بِلَا حَذَرِ

الشَّعْرُ يَنسَابُ خُصَلًا بِهَا المِسْكُ
مِنْ عَتْمَةِ الكَوْنِ يَهْطِلُ مَعَ المَطَرِ

جَمَالُهَا طَاغِيَةٌ يَسكُنُ القُصُورَ
وَدُونَهَا النِّسَاءُ تَبْكِي مِنَ القَهْرِ

تَمُرُّ إِنْ مَرَّتْ فِي سُرْعَةِ الضَوْءِ
حَتَّى وَلَوْ تَمْشي بَطِيئَةَ السَّيْرِ

وَتَغْدُو إِذَا تَغِيبُ سَاعَتِي دَهْرًا
حَتَّى وَإِنْ كَانَ الدَّهْرُ بِي يَجْرِي

اللَّيْلُ قَدْ غَشَانِي يَوْمًا بِبَابِهَا
فَسَأَلُوا كَمْ لَبِثْتَ وَكُنتُ لَا أَدْرِي

دَخَلَتْ إِلَى البَيْتِ وَأَظْلَمَ الكَوْنُ
فَقُلتُ لَنْ أَبْرَحَهُ سِوَى مَعَ الفَجْرِ

تَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ قَوْلِي العَجَبَ
أَتَنْظُرُ الفَجْرَ فِي سَاعَةِ العَصْرِ؟

فَقُلتُ خَلُّونِي وَأَعْرِضُوا عَنِّي
فَقَدْ أَسْلَمْتُ لِلَيْلَى كَامِلًا أَمْرِي

إِنْ تَشَأْ شِئْتُ بِالَّذِي شَاءَتْ
وَلَوْ أَمَرَتْ كَانَ مِنْ أَمْرِهَا أَمْرِي

أَرُومُ بِالَّذِي فِيهِ قَدْ رَامَتْ
وَلَوْ كَانَ وِرْدُ المَاءِ مِنَ البَحْرِ

هِيَ القَضَاءُ الَّذِي لَا أَسْأَلُ لَهُ رَدًّا
وَكَانَ قَدَرِي فِي هَوَاهَا أَجْمَلَ القَدَرِ


بدر تضوي بالسماء

أُحِبُّ الشُّعَرَاءَ وَلَسْتُ مِنْهُمُ
وَأَهْوَى الشِّعْرَ وَلَسْتُ أَنْظُمُ
وَأَكْتُبُ هَاوِيًا بَعْضَ الشُّطُورِ
تَرْوِي الَّذِي أَشْعُرُ بِهِ وَتَرْسُمُ

بدر تضوي بالسماء

حانة الشعر