كنت أوّد أن أكتب جيّداً في النهاية ، أقصد بالنهاية حين توقفّت عن انتظارك ، وانتظار بومّة سكرانةً تتخبّط يميناً ويساراً تحمل رسالة واحدة ،مهترئة منك ، في فوضى الليل ، واندماج الروائح الكثيرة ، انشغال الطريق بالسيارات المُسرعة ، والأضواء التي تحاول بظلها أن تتحرك بأكبر قدر تعرفه ، أو بالقدر الذي يُسمح لها ، فتتمنى في لحظة ما أن تكون أطول قليلاً ..
أجلس على بعد خمسة سنتيمترات من الرأس ، أخاف أن أقترب فيجتاحني السواد ، وتصبح صورتك على هاتفي المحمول ضبابية ، أضلّ في المنطقة الآمنة -حيث يسعني أن أرى وجهك" ، وجهك الذي يُعينني على الروائح والسيارت والأعمدة المتذمرة طوال الليل 
أبتعد عن الأشخاص الذين يشبهونك في شيء ، أوّد أن أذهب إليهم وأخبرهم بالأشياء التي عجزت عن إخبارك بها ، لكنني أيضاً أُؤمن ، أن الجحيم الذي وجدُته فيك ، سأجده في كل ما يتعلق بك ، في صورك ، وانعكاس وجهك على الزجاج ، في الملامح المُتشابهة على هذه الوجوه،لأن الجحيم لا يسعه أن يتركنا بخير ..
يُباغتني القمر بدورة ماكرة ، يُساعد فيها الظلام أن يمتّد لي ولك ، أبتعد تدريجياً وبطريقة ثقيلة ، أزحف على الضوء هرباً من الأهوال التي ستظهر حين يختفي ، إنّ هذا الأمر يُتعبني ، أن أتحرك ، وأبتعد بك عن الشرّ ، أن أُدافع عن صورتك من الضباب ، من البرد والسيارات المجنونة ، يُتعبني أنني وحدي من يحمل هذا الحب التافه ، وحدي من يستمر على حمله والمضي به في الشوارع المُخيفة ، وحدي من أُبرر للعالم أنّنا سعداء معاً ، أنا وصورتك ، أو وجهك أو جحيمك أو مهما كان هذا الذي استطعت الحصول عليه ، منك ...
إنني أكره أن أتذمّر حينما يتعلق الأمر بك ، أن أشتكي من الانتظار والجفاء والصمت ، أن أطلب الحب كما يفعل الجميع ، أكره أنّ أُذكرك كيف تُحبني ، لأنني أعلم أنك تكره ذلك ..
لا أكتفي منك ، ومن الأشياء التي تُذكرني بك ، أكذب لو قلت أنني سعيدة بصورتك ، وبضحكتك ، أنني سعيدة بالليلة التي جلسنا فيها معاً نهرب من ظلّ عامود الإنارة ، ونغني "سيرة الحب" تحديّاً لجميع الأصوات التي أوجدها الله لتتحدث ليلاً ، نغني بنشاز فتبدو أصواتنا كبوقٍ تجاوز المئة عام في خزائن الموت ..
بدأ الأمر يتحوّل لنكتة سخيفة ، وتبدو المشاعر من هنا - من الرصيف الضيّق وشبه المظلم-باردةً وغير قادرة على المُضي أكثر من ذلك ، لا أُنكر أن المشاعر لا تُدعى مشاعر إذا لم تكن أنت الجوهر ،لم أعدّ أُجيد لملة حديثي ، ولم أعد أستطيع البقاء هنا ، متمسكة بوهم صورتك وخيالاتي السيئة ، لقد أقسمت ألّا أكتب لك ، حتى يبتعد الظلّ قليلاً ، هرباً منك ، حتى يأتي الصباح ، وتُغني العصافير مع صوت خطوات قدميك ..
"أم شعاع الفجر يجلو عن ليالينا الرُكاما" 
وأخيراً يُبهجني أنني لا أزال أكتب بطريقة مضطربة ، ضائعة وغير مفهومة ، لأنّ هذا هو المراد حين يقرأ الجميع وتقرأ أنت ، لأنك تعرف متى أردت علامة السؤال والتعجب وأكثر من ذلك متى أردت أن أقول " أحبك" ...

الليلُ مع وجهك ..

ارقص فالكون يرقص ..
كلمات لعابد صوفي قالها عن لمسة لمسها بهذا الكون المنداح , الكون يرقص فعلاً من حولنا ونحن بحاجة لأن نستشعر ذلك , لنستشعر بسكناته واندفاعه , لأن نتناغم مع صوته .
ما سيتبقى منك لا ما سيتبقى لك , انها دنيا زائلة زائلٌ أنت معها , فإن انتفى الأكبر زال الأصغر وأَفل .

ما تبقى من أثرك في هذه الرقصة الجماعية , التي يبدو أن لا رجوع فيها الى الوراء .
رقصة العمر , هي رقصة النهاية , فما تخطه فيها , هو أنت .

الليلُ مع وجهك ..

سراج شتيوي