‏كان يبذل جهودًا مؤثرة كي يبدو مرحًا، لطيفًا، ثرثارًا، غير أن رؤية شحوبه، كانت تكفي أن روحه لم تحتمل المزيد. كان يبتعد أحيانًا حيث لا يراه أحد، ويجلس ليستريح من المخالب التي تمزقه من الداخل...

..ليلًا، فيشاركني صبري الموافي

النص:
" 
النسائم التي مرَّتْ في رئتيه كانت لها أسماء
أسماءُ مدنٍ وقرى وشوارع وصحارى وغابات
وأسماءُ ناس
يتنفَّسون بقربه.
 
أمكنة كثيرة في رئتيه
وناسٌ كثيرون
دخلوا مع الهواء ثم غابوا
وما تنفًّسه
كان غيابهم.
 
ما في صدره كان رئات العابرين
ولم يكن يتنفَّس الهواء
بل العبور.
 "


النسائم التي مرَّتْ- وديع سعادة

محمود درويش- لن تأتي

حفلة التفاهة | كيف يولَد مُعتذِر؟ | ميلان كونديرا

صوت: أيمن عبد الرازق 

من رواية "مذكرات رجل عجوز / حكاية مملة" لأنطون تشيخوف

"أتدرين ما هي المسألةُ يا صديقتي؟ إن أعظم وأسمى حقوق الملوك هو حق العفو. وكنت أنا دائما أتمتع بهذا الحق دون حدود. لم أصدر حكمًا على أحد أبدًا، وكنت متسامحًا، أغفر ذات اليمين وذات الشمال للجميع عن طيب خاطر. وعندما كان الآخرون يحتجون ويسخطون كنت انا فقط أنصح وأقنع. وكان كل سعيي طوال حياتي أن تكون صحبتي محتملة لأسرتي ولطلبتي ولرفاقي ولخدمي. وأنا أعلم أن موقفي هذا من الناس قد ربى كل من جمعتهم الصدف بي. ولكني الآن لست ملكًا.
إن ما يحدث لي ليس جديرا إلا بالعبيد. ففي رأسي تدور ليل نهار أفكار شريرة. أما في روحي فقد عششت مشاعر لم أكن أعرفها من قبل. فأنا أكره، وأحتقر، وأسخط وأغضب وأخاف. أصبحت مسرفًا في الصرامة والتشدد والعصبية والجفاء والريبة. وحتى ما كان قبلًا يدفعي إلى أن أقول قفشة أو أضحك ببشاشة، أصبح يثير فيّ الآن شعورا ممضّا. وتغير فيّ أيضامنطق تفكيري: من قبل كنت أحتقر النقود فقط، أما الآن فأكن مشاعر البغض لا للنقود، بل للأغنياء، كأنما الذنب ذنبهم. ومن قبل كنت امقت القهر والاستبداد، أما الآن فأمقت الأشخاص الذين يزاولون القهر، وكأنما هم المذنبون وحدهم ولسنا نحن جميعا الذين لا نعرف كيف نربي بعضنا بعضا. فما معنى هذا؟
إذا كانت الأفكار والمشاعر الجديدة ناتجة عن تغير المعتقدات، فمن أين جاء هذا التغير؟ هل أصبح العالم أسوأ وأنا أفضل، اما أنني كنت سابقًا أعمى وغير مبال؟ وإذا كان هذا التحول قد حدث نتيجة تدهور عام للقوى البدنية والذهنية فأنا مريض، وكل يوم ينقص وزني – فإن حالتي إذا تعيسة – فمعنى ذلك أن أفكاري الجديدة غير طبيعية، مريضة، وينبغي عليّ أن أخجل منها وأعتبرها تافهة.."

"شكرا لأحمد قطليش على الإلهام ،وعلى تعديل الصوت"
https://soundcloud.com/ahmed-n-katlish


أنطون تشيخوف | الملوك والعبيد | من رواية حكاية مملة

 القاء : رتاج التائب
https://www.facebook.com/RetajBDokali

   في يوليو سنة ١٩٢٣، وبعد شهرين تقريبًا من لقائهما، كتب نابوكوڤ إلى ڤيرا

لست معتادًا على أن يفهمني أحد، لست معتادًا على هذا لدرجة أنني اعتقدت في الدقائق الأولى من لقائنا أن الأمر أشبه بمزحة، ثم …
هنالك أشياء يصعب الحديث عنها، لكنكِ تستطيعين التخلص من كل طبقات الغبار فوقها بكلمة وحدة … أنتِ لطيفة …
نعم، أحتاجك، يا قصّتي الخياليّة، لأنك الشخص الوحيد الذي أستطيع التحدث معه عن ظل غيمة، عن أغنية فكرة، عن الوقت الذي ذهبت فيه للعمل ونظرتُ إلى زهرة عبّاد شمس، ونظرتْ إليّ، وابتسمتْ كل بذرة فيها.
أراكِ قريبًا يا متعتي الغريبة، يا ليلتي الهادئة. كيف بإمكاني أن أفسر لكِ سعادتي، سعادتي الرائعة الذهبيّة، وكيف أنني ملكٌ لكِ، بكل ذاكرتي، بكل قصائدي، بكل ثوراتي، وزوابعي الداخليّة؟ كيف بإمكاني أن أشرح لك أنني لا أستطيع كتابة كلمة واحدة دون أن أتخيّل طريقة نطقكِ لها - ولا أستطيع تذكر لحظة واحدة تافهة دون ندم لأننا لم نعشها معًا، سواءً كانت لحظةً خاصة، أو كانت لحظةً لغروب الشمس، أو لحظةً يلتوي فيها الطريق- هل تفهمين ما أقصد؟
أعلم أنني لا أستطيع إخبارك بكل ما أريد في كلمات- وعندما أحاول فعل ذلك على الهاتف، تخرج الكلمات بشكل خاطئ تمامًا. وعلى من يتحدث معك، أن يكون بارعًا في حديثه.  
وأهم من هذا كلّه، أردت لكِ أن تكوني سعيدة، وبدا لي أن باستطاعتي منحكِ هذه السعادة - سعادة مشرقة، بسيطة، وليست سعادة كليّة أبديّة.
إنني على استعداد لإعطائك كل دمائي، إن اضطررت لذلك -قد يبدو حديثي سطحيًا- ولكن هذا ما أشعر به. أستطيع أن أشعل عشرة قرون بحبي، بأغنياتي وشجاعتي. عشرة قرون كاملة، مجنّحة وعظيمة، مليئة بالفرسان الذين يصعدون التلال الملتهبة، وأساطير عن العمالقة وطروادة، وعن الأشرعة البرتقاليّة، عن القراصنة وشعراء. وهذا ليس وصفًا أدبيًا، لأنك إن عدتِ لقراءته مرةً أخرى ستكتشفين أن الفرسان يعانون من زيادةٍ في الوزن.
أحبكِ، أريدكِ، أحتاجكِ بشكل لا يطاق…



retaj eltaeb - رتاج التائب - أحبّ نطقكِ لحروف العلّة

مقطع من نص "السير وحيدة برفقة أغنية و كلب" لوضحى المسجّن.

السير وحيدة برفقة أغنية و كلب

في القدس - تميم البرغوثي

من رسالة كافكا إلى ميلينا

فيودور دوستويفسكي |الليالي البيضاء ١

فيودور دوستويفسكي | حلم رجل مضحك

المثقفة - تشارلز بوكوفسكي

فيودور دوستويفسكي | الليالي البيضاء ٢

الفراغ  _ غونزالو تافاريز

لماذا لا تجلس على طرف السرير و تضع رأسك بين كفيك ، و تعترف بهدوء : ( أنا غريب ! ) ؟ 


العطش ، قصة من المجموعة القصصية " موت سرير رقم 12" للكاتب غسان كنفاني . 

جميعنا نعاني الكآبة و الوحدة و مشاعر الفشل و توبيخ الذات ، و اسلوب غسان كنفاني في تجميع هذه المشاعر المؤلمة و صياغتها في قصة قصيرة ، اسلوب رائع و مبدع . 


بتمنى تنال اعجابكم . 
بصوت اميمة الحواصلي .

غسان كنفاني ، العطش

لا بد أنك نائم الآن
أو في جلسة حساب آخر؛
ثمة نادل يقرب منك لائحةً بكل إيمان تجرعته مع الخوف
وكل صلصال فر من ظلك،
بكل نسيم تهشم فوق رأسك لحصى وكلمات
وكل ما جمعته من ديدان لجسدك
ونعش تركته في انتظارك
أو شاهد تلفت عن دعوته إليك،
بقبلة نذرتها لامرأة خفيفة كالنيران
وكل كدمة صارت ضريحا للكوابيس،
بنسيانك الأعمى
وذنوبك التي تقفز من ضلع إلى ضلع،
بملح يلف لسانك كلما لعقت نافذة
أو تمشيت مع عظامك،
من أين تأتي بأمك
لتخبرك أن هذه الحياة غالية
وبإمكانها إعداد مثلها في البيت وأفضل
بنظافة وثمن أرخص؛
تعود معها نصف رجل
أو نصف دلو دماء وقبضة رصاص
أو نصف غابة مستأنسة
وعظمة ساعد وفم على الأقل،
بعيون كتومة
تسد الثغرات في قلبك
بخرق ثوبها المنهك وأصابعها الذائبة
تقسم صوتها على سنوات
فلا يغادر العتبة
ولا ينعس في ورقة نتيجة أو سلك هاتف،
تناولك ما تبقى من دمع صدرها
فيما حكاياتها الممزقة تتمشى فوق وجهك
كعود بخور
أو أسنان ملاك.

نص: رضا أحمد
صوت: محمد الشموتي

لابد أنك نائم الآن - رضا أحمد

أهلا , وداعا

أفكار كثيرة تختلط في رأسي, الكثير من الأصوات, فأجدني أبتسم

"مع السلامة, ربنا يوفقك و يكتبلك الخير"

في ركن مستتر من نفسي يقبع الخوف أن أكون مكانه, من السهل إدعاء أي شئ مادمت بعيد عن مطرقة الإختبار, فقط عندما تطرق رأسك بعنف, و فقط عندما تخرج من تحتها برأس سليم معاف يمكنك أن تلوم الناس. لكن هل يمكن حقا أن نلوم الناس بعد أن ذقنا ألم المطرقة, بعد أن شعرنا بسطحها المعدني الأملس فوق رؤوسنا, شعرنا برنين طرقتها داخل الدماغ و أنين عظام الجمجمة تحت وطأة ثقلها اللامبالي؟ هل يمكن أن نطلب منهم أن يقدموا القيمة علي المادة؟

"عارف ..أنا مكنش في دماغي أبعد, لكن ...."

أهز رأسي و كأنني أتفهم ما يقول, و لكن رأسي يهتز رغم أنفي بسبب الدوار. من يجرؤ أن يطلب منه البقاء هنا في عاصمة البول و التراب بجانب الأصدقاء, هناك كل شئ لامع و خاوي . يحتمل الناس الشقاء ماداموا لا يستطيعون لوم أحد عليه, يتظاهرون بالصبر و الحكمة و يقولون مع زفرة حارة من الصدر "نصيب, قضاء و قدر" و لكن ما أن يظهر من يمكن أن يتحمل اللوم حتي يصبوا فوق رأسه جام غضبهم و ضيق صدرهم, حقدهم و كراهيتهم لذلك النصيب و ذلك القضاء و ذلك القدر, فهل أتحمل لومه؟

هل حقا نملك الجراءة لكي نقول "أبقي لأجل الأصدقاء" إذا كان رحيله جعلنا نسأل هل كنا نعرفه؟ و هل كنا أصدقاء؟ و لنفرض أننا كنا كذلك هل يمكن أن أقول "أبقي لأجلي" و هل أستجيب إن قيلت لي؟ إن الحرية من أركان الصداقة لأننا نقبلهم كما هم, و لأننا ليس لنا غرض منهم, لا شئ إلا جلسة صافية و كلمات صادقة و يد فوق اليد, فإن أردت الإبتعاد أو أجبرت عليه فلتجعل رحيلك جميلا. لا تعكر صفو الجلسة بالنيات المخبوءة و لا تسمم صدق الكلمات بالكلمات المتلونة و لا تسحب يدك إختلاسا كاللصوص.

"الصلات لن تنقطع, سأتصل كل يوم ..."
أرد عليه "إن شاء الله"

نحن في أزمنة مظلمة, يجري فيها أنتزاع كل ما هو حي و إستبداله بأشياء بلاستيكية, ينتزع منك حرارة الوجه و اليدين و رنة الصوت في أذنيك و بدل منه تحصل علي صورة فوق شاشة. نعلم ما يحصل هنا, نصبح في عالمين بشكل ما, يتغير بعيدا عني و أتغير بعيدا عنه, الشعور بأن المكالمة أصبحت واجب و إلتزام لا رغبة يجعلها ثقيلة, يصبح نسيانها سهلا, تتباعد المسافات, تموت العلاقة , نصبح شخصين أخرين لم يلتقيا يوما.

هل أبالغ؟! الكثير من الدراما لأجل وداع واحد, تكاد حياتنا كلها أن تكون "أهلا و سهلا و وداعا" نرحل أو يرحلون, جبرا أو إختيارا, الوداع يولد مع تحية اللقاء الأول, و مع  ميلاد الوداع يولد الأسي و الحنين و الإغتراب, فجوة في القلب تجعل دموعي تفلت أحيانا عندما أتحرك بين أشباح من رحل و من سيرحل.

المزيد و المزيد من الدراما, يكفي.
"رفيقي العزيز, أهلا, وداعا"

غربان المدينة

أهلاً وداعًا

أحمد .. أهلا وسهلا .. وداعًا

من رسالة كافكا إلى ميلينا

Hamza Zaky حمزة زكي

Related tracks