في المتجر، وبينما أتفحص الخضراوات، أوصاني الشيخ المسنّ الذي لا علاقة له بالدكان سوى أنه زبون عادي مثلي، بأن أشتري نوعًا ما هو أرخص هنا من المتاجر الأخرى، وجودته أفضل، ولأن عليه تخفيضا اليوم، وقال إنه سهل في الطهو عليّ كشابٍّ، وذكر لي سعره وقارنه بأسعاره في الأماكن المجاورة. كان يشتري شيئا آخر بينما رآني أحمل عبوة حليب سأشتريها، فحيّاني برضا كبير وأوصاني بالمواظبة عليه لأنه مهم لصحتي، ابتسمتُ وشكرتُه بلُطف كبير، بادلني الابتسام وأخبرني بأن لديه مشكلة في قدمه، وأنها تؤلمه لكبَر سنه  لكنه بخير الحمد لله، دعوتُ له وعرضت المساعدة فشكرني وابتسم ثم مضى.
..
لم يكن الرجل صاحب المتجر، ولا صاحبي، ولا حاجة له بأن يعرض عليّ السلع ويسوّق لي البضائع، ولا حاجة له في أن أشتري خضارا سهل الطهو ورخيص السعر وحسن الجودة، وأن أواظب على شرب الحليب كل يوم.
..
ربما كانت حاجته الوحيدة أن يجد من يغدق عليه عطفه ولو كان شابا عشرينيا في عمر أحفاده ربما، لا يعرفه ولا يحمل حتى جنسيته نفسها، ولا يربطه معه أي رابط سوى الزمان والمكان، وعساه كان محتاجا إلى إنسانٍ يخبره بأن قدمه تؤلمه، ولن يحتاج إلى مساعدته ولا إلى ذراعه، فعصاه التي يتوكأ عليها تغنيه عن ذلك،  وإنما فقط يحتاج إلى من يقوم بوظيفة الأذن في حياته، إنسانا يسمعه.
..
ولعل كل مخاوف الإنسان تسقط بلا وزن، أمام خوفه من ذلك اليوم الذي يدعو فيه باكيا "رب لا تذرني فردا". ولا عجب أن يكون من مشقة يوم القيامة وساعة الحساب "وكلهم آتيه يوم القيامة فردا".

في المتجر _ للكاتب يُوسُف الدموكي - بصوت إبراهيم الحجر

نورهان السيد فويس اوفر 🖤🎙️🎧

معلق صوتي يحب اللغة العربية ودندنات حروفها.

الصوت جوادٌ نمتطيه نعدو به ممرات الحياة، وفي كل منا فارس.

هي عصاي أتوكأ عليها وليَ فيها مآرب أخرى.

التواصل لطلبات التعليق الصوتي.

كزهرة منسية بين الاغصان.. حتى تاهت. 

في المتجر _ للكاتب يُوسُف الدموكي - بصوت إبراهيم الحجر

Ibrahem Elhager _ إبراهيم الحجر