حفظ هيبة العلماء والدعاة - للشيخ الحويني

🔴 السؤال الكبير:
هل التربية (التغيير من الأسفل) أكثر تأثيراً في حياة الناس أم السياسة (التغيير من أعلى)؟ 
هل أحوال مجتمعاتنا تفسرها مقولة "الناس على دين ملوكهم"، أم "كما تكونوا يولّى عليكم" ؟
هل الإصلاح الفردي أهم أم الإصلاح الجماعي؟
هل التركيز على الثقافة التي تصنع وعي الناس أولى، أم على المؤسسات التي تصيغ حياتهم وتبني مواردهم؟

لقد ضاعت أعمارٌ كثيرة من المسلمين في المئة عام الماضية لأنهم لم يصلوا للإجابة الصحيحة عن هذا السؤال، فبالله أحسن الاستماع والإصغاء 

🔸 كم من أعمار ضاعت في تشجيع الناس على الاهتمام بالشأن العام والسياسي، وإشغالهم بكل التفاصيل والتصريحات والأخبار، ونزع المسؤولية من أيديهم، لتصبح كل مآسينا سببها فقط للسلطة وللحكام! وكأن السلطة نبعت من الفراغ، أو أن موازين القوى نبتت من خارج السياق الاجتماعي!
ثم لما أتت الشدائد لم تجد إلا نفوسًا هشّة اعتادت أن تسخر وتستهزيء لا أن تتمسك برسالة الإنسان التي خلق من أجلها، وروحاً قد جفت منها التقوى تمزقها الأهواء في كل اتجاه، وعقولًا تتقاذفها الأفكار الرائجة في الأسواق المحلية والإقليمية، وقلوبا مشتتة الانحياز تتأثر بأي شيء يلمع في الكتب او في الإعلام، وأخلاقا رديئة صاغتها ثقافة مجتمعاتنا المهزومة ولم تصغها أبدا تعاليم الوحي الإلهي. 

🔸 كم من أعمار ضاعت في تشجيع الناس على تعلّم علوم التراث والمعقول، حتى صار الواحد منهم تزداد معلوماته ولا يزداد إيمانه، لايجد حرجًا في أن يحافظ على ورد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم ألف مرة وهو ينحاز لسلطةٍ لو كان رسول الله حيًا لوضعته في السجون! كما وضع أسلافها يوسف وطاردوا موسى وتحرشوا بإبراهيم! 
كم من أعمار ضاعت في تضخيم ما في رأس الناس وتهوين انحيازات قلوبهم، حتى لم تعد تنكر في الشأن العام منكرًا (ولو كان مذبحة)، ولا تعرف معروفا (ولو كلمة حق بسيطة في وجه ضابطِ ظالم).

🔸 وكم من أعمار ضاعت تحت شعار تصحيح العقائد والرجوع لمنهج السلف، حتى تقولبت نفوس الناس في صيغة واحدة جامدة، وفي شكل واحد، وفي اختيارات فقهية أوعقدية واحدة، وفي مسارات واحدة، دون رؤية فقهية كاملة تأخذ بأياديهم إلى الإمام، أو تستكشف بعقولهم العالم الكبير المذهل، أوينصلح بها حال أنفسهم وأخلاقهم، أو حال مجتمعاتهم.
وسواء اكتفت أن تشرح المتون السلفية في صومعة مغلقة مع قلةٍ معزولة من "الإخوة" أو "أهل السنة"، أو قررت أن تحمل بأياديها البندقية في ميادين المسلمين مع قلة معزولة من"أصحاب المنهج" أو"الطائفة المنصورة". فقد كانت النتيجة واحدة؛ نفوسٌ متفننةٌ في إشعال الحروب الأهلية في جسد المسلمين، لا تعلم أين تطلق السهام، ولا متى، ولا كيف، ولا تعلم الطريق ولا خطواته ولا كيف تسلكه، لا تعلم إلا أن الحق شيء واحد بسيط مُختزل، وأنها هي ذلك الواحد، وأن كل ماعداها منحرفٌ محتمل، أو مبتدع محتمل، أو مرتد محتمل.
ومن ثم لما جائت الشدائد ارتطمت تلك النفوس بأمواج الواقع المتلاطمة، وتبخرت تلك التيارات التي كانت بالملايين كأن لم تغنَ بالأمس، ورأى الناس أنهم كانوا مخدوعين، وأن العالم أكبر من تلك الأنماط الواحدة الجامدة، فعظمت الفتنة، وازدادت الجموع انحرافًا وبعدا عن الله رب العالمين، وعن من يدعون إليه.

🔸 وكم من أعمار ضاعت في دعوة الناس للإنشغال بإصلاح النفوس وتزكيتها، حتى أثمرت بشرَا هم أكمل الناس أخلاقا، وأنداهم قلبًا، وأنضجهم عقلا، يحبون الناس ويحبوهم، ويألفون الناس ويألفوهم، حتى إذا أصبحوا صفوفًا وجموعًا، وصارت دعوتهم الرائقة الجميلة مقبولة من كل الناس، فبنوا معها المؤسسات والجمعيات، وفتحوا لها قلوبهم قبل بيوتهم، تسلط عليهم طاغيةٌ بأقل عدد من الجنود فأخفاهم وراء السجون دون أن يجد مقاومة، وهدم مشروعاتهم ومؤسساتهم التي تعبوا وسهروا عليها أعوامًا، أو أرداهم قتلى دون أن يفكر حتى في احتمالية أن يدفع الثمن!

لنفكر جميعًا، وليفكر الرموز والكتاب والمدونون وأصحاب المراكز والمؤسسات والتيارات والمشاريع والصفحات والمواقع التي تنشأ اليوم، وليفكر كل واحد يكتب في الشأن العام قبل أن يفعل هذا، هل هو يسير على منهج الأنبياء والصالحين أم أنه فقط يُكرر الأخطاء ..

🔹 الخلاصة: التربية والسياسة مهمة؛ ولكن متى وكيف؟ 
والدعوة والقوة كلاهما مهم؛ ولكن متى وكيف؟ 
هذا فقهٌ شرعي نادر، وحدهم أكابر علماء المسلمين من يقدرون عليه، ونحن نحتاج أن نتواضع لنتعلم قبل أن نتكلم ونوجه.
كما نحتاج أيضا أن نتعلم كيف نسقطه على واقع كل واحد منا، وعلى سياقنا الزماني والمكاني المحدود، فهذا السياق الذي نعيش فيه هو الذي سيحدد لنا من نحن؟ وما هو حالنا؟ وماهي تحدياتنا؟ وما الذي يجب أن نفعله قبل ماذا؟ 
لايوجد إذا إجابة واحدة جامدة ..
ولا يوجد فعلٌ واحد صحيح لوحده ..

للمزيد راجع الروابط في التعليقات

🔴  من أين نبدأ بالإصلاح ؟ 🔴 كلام مهم جدا للباحثين عن الحقيقة

الحياة مع القرآن - 10 - محكمات القرآن في الإيمان والأخلاق - الشيخ حسين عبد الرازق

جينات اللئام - در الحويني

في زمن كثرت فيه الفتن والشبهات، وتفشت مفاهيم الجاهلية المستعلية على الحق والمنطق والعقل والفطرة السليمة، لا تعجب لضياع الجيل الناشئ وخلوه من القيم والمبادئ، وانحدار المستوى الأخلاقي في مواقع التواصل، والفراغ الروحي والفكري لديهم.. فمن أين سيتلقى الشاب أو الطفل الحق، وكيف سيهتدي للطريق وقد سُجن العلماء وضُيق على الدعاة ومُنعَت دروس المساجد وغُيرت المناهج الإسلامية في المدارس وقل الناصح والمعين، هذا لجانب ضعف دَور الوالدين في التربية سواءً كان قهراً -لانخراطهم في عبودية العمل والوظيفة وتحصيل لقمة العيش- أو طوعاً لإهمالهم أو لضعف تكوين الأبوين أصلاً
تكمن أهمية العملية التربوية في أن غيابها هو غياب الإنسان ككل، غياب لدينه وهويته ووعيه وأخلاقه، وغياب للمجتمع المسلم الذي يتكون من هؤلاء الأفراد، وهل كان تحول الصحابة الهائل من الجاهلية إلى الإسلام -- الذي يتدارسه برنامج أين الطريق على التليغرام-- إلا بسبب تربية النبي ﷺ لهم؟ 
وبسبب صعوبة الواقع من جهة، وغياب التكوين التربوي للآباء من جهة أخرى، وجب في هذا الزمن خاصة أن يُلتفت إلى أهمية تعلم هذا الفن، واكتساب أساسيات المهارات التربوية، أو على أقل تقدير أن يدرك المربي -- الأبوين أو المعلم الواعي-- أن عليه دور مركزي في تكوين الشخص الذي ولاه الله عليه، فكلّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، وكيفما ستوجّه المتربي فسينشأ على ذلك، فإما خيراً ينشئ جيلاً ينتشل الأمة من ظلماتها ويكون صدقة جارية إلى يوم القيامة ، وإما شراً يكون حجة على صاحبه

https://youtu.be/j-AQx5iBnms

* ملاحظة: هذا المقطع جزء من سلسلة معايشة الأنبياء والصالحين، والتي يقوم فيها الأستاذ الشيخ بالتأمل في قصصهم وحياتهم بأسلوب شيق وبسيط، لكي نستنفع منهم بشكل عملي في واقعنا اليوم.
( ويمكنك أن تجد السلسلة مرئية على اليوتيوب، أو مسموعة على الساوند كلاود)
https://youtube.com/playlist?list=PLKd_OPEHWrqjsl4caUzMDTw9wxCZdBN5c

#سنحيا_كراما
#معايشة_الأنبياء_والصالحين

عبدالله بن عمر: الشخصية المتزنة ثمرة التربية الصحيحة | معايشة الأنبياء والصالحين 48 🔵

ما ولاهم عن قبلتهم | اليوم 02 | #نصوص_أغلى_من_الكنوز | د . حازم شومان

سبل الوصول وعلامات القبول - الدرس (29-70) : الهمة وتأثيرها على أداء واجبات المسلم

سبل الوصول وعلامات القبول - الدرس (32-70) : التفكر في خلق الله من خلال الآفاق المعجزة

سبل الوصول وعلامات القبول - الدرس (36-70) : الوصول إلى حلاوة الإيمان

سبل الوصول وعلامات القبول - الدرس (46-70) : فوائد الذكر

سبل الوصول وعلامات القبول - الدرس (48-70) : الرضا عن الله في السراء و الضراء

تضم الموسوعة كافة محاضرات و دروس فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي التي تهتم ببناء شخصية و ترسيخ العقيدة الإسلامية  الصحيحة في المؤمن

سبل الوصول وعلامات القبول - الدرس (46-70) : فوائد الذكر

موسوعة النابلسي