في طفولتي.. كانت أيامُ الآحادِ الصيفيةُ هي أيامُ السعادةِ. هكذا كنتُ أدعوها أنا وأخي: "أيامَ السعادة"! 
حينَ كانت تمرُّ سيارةُ الآيس كريم الكبيرةُ عندَ الخامسةِ عصرًا، تسبقُها تلكَ الموسيقى الطفوليةُ. 
آيس كريم بالشوكولا وصوص الكراميل لأخي، وآخرُ بالفُسدقِ وصوص التوتِ لي، ثمَّ نجلسُ على إحدى درجاتِ السُّلَّمِ أمامَ البيتِ ونأكلُ تلكَ التَّحلِيَةَ الباردةَ ببطءٍ.
ذلكَ الشعورُ البديعُ الذي كانَ يُخَلِّفُهُ ذوبانُ تلكَ الكِريمةِ بطعمِ الفُسدقِ وصوصِ التوتِ على لساني في عصرِ يومِ أحدٍ أمامَ البيتِ، كان اختزالًا للسعادةِ المطلقةِ غيرِ المشروطةِ!
خلالَ أعوامي الستةِ والثلاثينَ (٣٦) لم أجدْ تعريفًا آخرَ للسعادةِ.. لكنني أيقنتُ أنها الغايةُ، وأن الرِضا هو الوسيلةُ. 
لكن، كي نرضى.. لا بدَّ أنْ نغفرَ أولًا.. ليسَ السؤالُ لمن، لكنْ كيفَ؟!
كيفَ نغفرُ لحظاتِ الألمِ والحزنِ والوحدةِ والتّيهِ والخِذلانِ والخَسارةِ والاكتئابِ ونوباتِ الهلعِ؟
كيفَ نغفرُ المعاناةَ كي نرضى، ونحظى بسعادةِ ذوبانِ كريمةِ الآيس كريم بالفُسدقِ وصوصِ التوتِ على اللِّسانِ في عصرِ يومِ أحَدٍ صَيْفِيْ؟!

أيام السعادة - ريم جمال الدين



إدعوا لـ أبويا حبيب عمري بالرحمة 

أيام السعادة - ريم جمال الدين

Reem Gamal Aldeen