13 مايو من العام 2023، في نفس اليوم منذ عام مضى كانت غزة تحت القصف أيضاً. لا أعلم كم مضى على بداية العدوان الأخير على غزة، فأنا بالفعل أصبحت خارج دائرة الزمن، يتملكني شعور بالعجز العميق، والملل من مواصلة لعبة الحظ هذه، تماماّ كما الروليت الروسية، احتمالات تصيبني بالجنون، ضجيج هائل يحتل رأسي، تفكير لامحدود باللاشيئ. ما دفعني على رفع هذا المقطع هو أنّي أرسلت لصديقي حمزة صورة قديمة له كنت أحتفظ بها على هاتفي، وإذ به يرد "أشعر بأنّي كبرت" وتذكرت خوفنا المشترك بأن نكبر، ليس ذلك الخوف الشائع من التقدم في العمر، ولكنه الخوف العميق من أن نكون قد ضيعنا عمرنا في الحروب والصراعات السياسية وألعاب الحظ هذه، الخوف من أن نموت دون أن نعرف الحب، ودون أن نرى العالم، كم نحب أن نرى العالم، لم يتسنى لأي واحد منا أن سافر ذات يوم، لم يسبق لنا أن عانقنا فتاة نحبها، لم نستطع ولو لمرة من شرب كأس وسكي على سبيل التجربة والمراهقة، لم نذق يومًا طعم القُبل، لم نعرف معنى الحرية، لهذا نخاف أن نكبر، ونخاف من الغد، لأن الحرب لم تنتهي، ولأننا نريد أن نعيش أكثر.

 الصورة من تصوير: فادي ثابت - غزة

وهو يخافُ الغد، لأنّ الحرب لم تنتهي.

يدرسُ الطّب.
يُمارس الأمل.

- يا شجر البلوط العالي 
يا حبّ البلوط المتناثر 

من قضم القلبَ كنجمةٍ خائفة؟ 
من رقّع الرّوحَ كَسَماءٍ غائمة؟

 = أجل، عَلا بيَ الزمانُ ولمّا عَلا علّ.
 أجل، هواني الثرى ولمّا هَويتُ انتهيت. 

جاع طفل الحياة "الحظ" فأطعمته خبز القلب.
 اهترأ ثوبُ العيشِ من شحّ المعاني، فربّيتُ الأمل.

وهو يخافُ الغد، لأنّ الحرب لم تنتهي.

Said.