ضلموه - عبدالحليم حافض

عزيزتي/ ذات الروح الزرقاء 

كــلُّ الــدّروبِ أمـامَنــا مَســدودةٌ 
وخـلاصُنا في الرســمِ بالكلمـاتِ 

لقد عدت اليوم إلي بيتي الريفي حتى أقضي بعض الأيام بعيدًا عن صخب المدينة، وأنا أمشي بين الحقول والنسيم الهاديء يغازل السنابل في الأرض، كما جرت العادة ... ذكرتكِ، تملكني شعورٌ لم أتوقع وجوده أصلًا؛ أنها هذه اللوعه الفريدة، في البداية لم أعطي اهتمامًا لتلك الخواطر، ولكن، تلك الأفكار التي انبثقت من رأسي بعدما واصلت المسير ورأيت جداول الماء وجدت أنها تستحق الكتابة. 

إن تلك الجداول الزرقاء لم تذكرني بكِ وحسب؛ بل جعلتني أعيد التفكير في معنى هذا اللون في خيالي وخيال أجدادي، إن اللون الأزرق في ثقافتنا -لأوقات لا يمكن للتاريخ تذكر بدايتها- يرمز إلي الشر والألم، نلحظ ذلك بشيء جلي في إشارة الناب الأزرق التي تعني الناب السام الذي سيصيبك بجرحٍ لا شفاء منه، أو حتي عندما أقول لصديقٍ أنها سوف تكون ليلة زرقاء أو غيره من معاني الأزرق، لكن؛ هذا المعنى للأزرق لم يعد المعنى الذي يأتي في ذهني بعد أن عرفتكِ، فكيف يكون ذلك السم الذي يأتي من عينين رأيت عندهم أبواب الجنة. 

إني لأرفض أن أكون مهرجًا 
قزمًا .. على كلماته يحتال 

فإذا وقفت أمام حسنك صامتًا 
فالصمت في حرم الجمال جمال 


إن الحياة في مجملها تدافع من الأحداث المريعة، لكن بجواركِ تحلو وتصبح زاهرة، أنسى مرار الأيام وكأنني أنتقل إلى عالم آخر حيث تخيلتكِ هناك بين الحقول تحت ظل شجرة والنسيم يداعب خصلات شعرك، حولكِ الطيور تنشد وتغني، تحملين كتاب أو كراسة تلوين وتستمتعِ بسكون أبدي يغمرنا نحن الإثنين، هذا السكون الذي يلمسني حينما أسمع عزفك الرقيق على أحبالكِ الصوتية، هذا الصوت الذي يصيبني بالابتهاج، صوتكِ الذي يزرع الزهور بداخلي ويملئ جفوني لتتلون الحياة بلونكِ المألوف، ووسط كل هذا صعقني عقلي بالأسئلة ... لماذا لا نستمر؟ لماذا تريدين الإبتعاد؟ لماذا لم تعطيني فرصة؟  

هذا العالم قد ينتهي قريبًا، نعيش في أجواءً تقترب من تلك الأجواء التي كان يعيشها العالم في أزمة صواريخ كوبا، لو كنا في زمن هذه الصواريخ لقمت وبلا تردد بارتداء بذلتي السوداء وذهبت معكِ إلى دار الأوبرا لسماع فيروز أو حليم، كنت سأهديكِ وردةً زرقاء، كنت سأنظر في عينيكِ حتى الغرق، أتأمل كثيرًا في شفتيكِ قبل توديعكِ الوداع الأخير، لكن نحن في أوقات مختلفة لا يمكن فيها أن نفعل هذا، أو من المفترض أن أقول ما أفعل لأنني هنا أتكلم عن إرادتي المنفردة، ولا أعلم شيئًا عن رأيكِ في هذه التصورات، أظن أنني كنت لأصطحبكِ إلى دار السينما مثلًا أو شيء من هذا القبيل.  

أنا لا أدري أي نوع من الرجال قد عرفتِ ولكنني فقط أعدك أن هذه الأشياء لن تتكرر معي؛ لا أظن أنني سوف أتحمل أن أخذلكِ في يوم ما ولن أفعل ما فعلوه؛ فهذا ليس أنا ببساطة، أنا لم أخن أحدًا في حياتي أنا الذي يقف كل يوم ليحاسب نفسه لا أظن أنني قد أخون أحدًا يضع ثقته بي، لا اظنني سأمسي شخصًا قذرًا تحتقرِ تشارك الهواء معه .. كيف ذلك وأنا أريد حمايتكِ، أريد أن احتضنكِ، أريد أن أزيل الهموم عنكِ  ياللسخرية، يبدو أنني لم أستطع تمييز هذا الميل من البداية. 
أني أبغض تعاملكِ معي؛ إنكِ تظنين نفسكِ بالنسبة لي  مجرد طيف رقمي على شاشة الهاتف ... لا يمكن أن أفكر فيكِ هكذا فلماذا تفكرين بنفسك بهذا الشكل؟

وأريد أن أقول لا .. "لا" أنا بالفعل أمتلك صديقات من لحمٍ ودمٍ وفضلتكِ عنهم وعن نساء الدنيا، فما العار في ذلك! ..."لا" أريدهم ولا أغازلهم هذا لأنني لا أحبهم ولا أريد أحدًا سواكِ، حينما أقول أنني رقيق معكِ فانا أقصدكِ أنتِ بالتحديد، "لا" أقول ذلك لأي أحد مثل ذلك الفتي صاحب المعجنات ولم أقل ذلك لأحد على الإطلاق ،كل ما في الأمر أنني أريدك أنتِ لا أحد إلا أنتِ.

إنّي لأنظر في الوجودِ بأَسرهِ 
لأرى الوجوهَ، فلا أرى إلاّك 
قالوا ويخلقُ أربعينَ مُشابها 
من أربعينك لا أريدُ سِواك 

لقد كتبت هذه السطور بعد يوم كانت الشمس فيه تنعكس على أمواج البحر في شوارع شبه خالية، تمنيت حينها أن تكوني بجواري، وأعدت كتابتها في مسيرة قصيرة بين الحقول أكدت هذا الإحساس ... إنه الميل ولا شيء سواه، هذا الميل جعلني أشعر بالاشتياق إليكِ، وعندما أحسست أنني اشتاق إليكِ أدركت إنني أشتاق فقط أنا لا أعرف ما أصابني تحديدًا؛ فأنا فقط لا أشعر إني بخير ونحن نبتعد عن بعضنا البعض، لا أشعر أنني سوف أكون سعيدًا، ربما كان هذا تأثير الجوع والعطش على الذهن لكن ... لكن ... أنا أشعر بالألفة وفي نفس الوقت أشعر أنني أريد الوقت فقط؛ الوقت حتى يلتأم جرحي، لكن بعد هذا الاستشفاء أقسم أنني لن أذهب بعيدًا عنكِ، ...يا إلهي، لقد أضحكتني كلماتي، ما هذه السخرية؟، ما أدراني بما تشعرين؟ ...فقط لا تتخلي عني. 

 علي من أراوغ الأن!! يبدو أنني أحبكِ، لا؛ لا يبدو، أنني أحبكِ بالفعل.

ذات الروح الزرقاء - غنيم .

 <3 قصة وطن 

سوريا
فلسطين
لبنان
العراق

بدون ما نحكي كم من سنة كان الاحتلال لكل وحدة
خلينا نبطل نعد
خلينا نصحا شوي
ونعرف انو احنا مش في مجرد حرب
احنا موت شوي شوي راح يخنقنا 

وطني كل هدول
وطني وين ما بحط مخدتي وبنام

اتزكرونا ممكن !
من مشورع لبلادي :( 
فيا .. وريحان يونان 
بغداد
لبيروت
زهرة المدائن
موطني
#لبلادي
على أمل السلام... 



ضلموه - عبدالحليم حافض

غَيّثِ