حانة الشعر

يَا لَائِمِي بِالْعِشْقِ وَالْهَوَى مَا بِكَ، أَمَا سَئِمْتَ حَصْرَ زَلَّاتِي

قَدْ طَابَ لِلْقَلْبِ مَا أَصَابَهُ مِنْ جَوى وَاسْتَأْنَسَ مَا بِي مِنْ مُعَانَاةِ

وَالْحُبُّ بِدِينِ اللَّهِ يَوْمًا مَا حُرِّمَ وَإِنْ كَثُرَتْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ حَبِيبَاتِي

وَلَوْ أَنَّ الْغَرَامَ فِي الشَّرْعِ مُؤَثَّمٌ فَمَا أَعْظَمَ مَا لِي مِنْ خَطِيئَاتِ

إِنَّ الصَّبَابَةَ لِي مَذْهَبٌ وَالْهَوَى عَلَيَّ فَرْضٌ وَالْعِشْقُ صَلَوَاتِي

وَالنَّاسُ لَوْ نَادَوْا يَوْمًا بِرَجْمِ مُتَيَّمٍ فَالصَّبْرُ عَلَى هَذَا الْأَذَى زَادِي

قَالُوا بِأَحْيَاءِ الْعَرَبِ عِشْقُ الْجَوَارِي عَارٌ وَدَرْبٌ مِنَ الْحَمَاقَاتِ

وَعَاقِلٌ مَنْ يَتَسَرَّى بِالْجَوَارِي وَيُفْرِدُ جَنَاحَيَ الْهَوَى لِلْأَمِيرَاتِ

وَالنَّاسُ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبٌ وَأَنَا ذَهَبْتُ لِمَنْ تَهْوَى عَذَابَاتِي

يَا مَنْ تُقَسِّمُ الْأَرْزَاقَ لِلْعُشَّاقِ لِمَ قَسَمْتَ لِي مِنْ بَحْرِ الْمُعَانَاةِ

أَرْسَلْتُ فِيهِ كُلَّ سُفُنِ الْهَوَى تَحْمِلُ آمَالِي وَعَذْبَ الْمُنَاجَاةِ

لَمْ تَرْسُو إِحْدَاهَا يَوْمًا عَلَى شَطٍّ إِلَّا تَحَطَّمَتْ عَلَيْهِ شِرَاعَاتِي

وَبَعَثْتُ الْقَوَافِلَ بِالصَّحَارِي تَبْحَثُ عَنْ لَيْلَى بِكُلِّ أَطْرَافِ الْبِلَادِ

فَعَادَتْ جَمِيعُهَا بِغَيْرِ جَوَابٍ وَضَلَّ بِالصَّحْرَاءِ جَمِيعُ الْحُدَاةِ

نَادَيْتُ مَوْجُوعَ الْفُؤَادِ مَنْ الَّذِي يَأْتِنِي بِلَيْلَى، وَلَهُ مِنَ الْمَفَازَاتِ

لَمْ يَطْرُقْ بَابِي مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ وَكَأَنَّهَا غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ نِدَاءَاتِي

وَغُرْبَةٌ أَعِيشُ الْيَوْمَ بِدُونِ لَيْلَى لَا يُؤْنِسُ الْقَلْبَ سِوَى كَاسَاتِي

أَرْشُفُ مِنْ عَذَابِ الشَّوْقِ أَقْدَاحًا وَأَعْزِفُ مِنْ أَلْحَانِ الْهَجْرِ آنَّاتِي

فَذَرْنِي وَحِيدًا يَا لَائِمِي بِالْهَوَى يَكْفِي الْفُؤَادَ مَا بِهِ مِنْ ابْتِلَاءَاتِ


يا لائمي بالهوى


سَلُوا قَلْبِي عَنِ الْهَوَى وَمَا جَرَى
وَعِشْقٌ عَلَى مُلْكِ الْفُؤَادِ تَأَمَّرَا

عَيْنَايَ مِنْ سَهْمِ الصَّبَابَةِ تَذْرِفَانِ
وَدَمْعُ الْمَحَبَّةِ لَا يُبَاعُ وَيُشْتَرَى

فِي غَارِ حُبِّكِ يَا لَيْلَى أَنَا سَاهِدٌ
وَمَعَ السُّهَادِ تَجَلَّى وَجْهُكِ مُقْمِرَا

قَالُوا حَرَامٌ أَنْ تُذْكَرِي بِقَصِيدَتِي
كَأَنَّكِ آثَامٌ مُحَرَّمٌ أَنْ تُذْكَرَا

فَقُلْتُ مَا بَالُ كَعْبٍ فِيمَا مَضَى
بِذِكْرِ سُعَادَ رَتَّلَ الْأَبْيَاتَ وَأَشْعَرَا

وَمَا سُعَادُ بِالَّتِي تَعْلُو عَلَيْكِ
وَفِي الْحُسْنِ كَانَ حَظُّكِ أَوْفَرَا

إِنَّ الْجَمَالَ لِكُلِّ أُنْثَى مُقَدَّرٌ
وَكَانَ قَدَرُكِ فَوْقَهُنَّ تَكَاثَرَا

وَأَوَدُّ لَوْ أَنِّي أَذُوبُ فِي هَوَاكِ
لَكِنْ أَذَابَنِي بِالْهَوَى خَيْرُ الْوَرَى

وَإِذَا الْحُرُوفُ مِنْ نَجْوَاكِ تَرْتَوِي
فَحُرُوفِي مِنْ نَجْوَاهُ تُسْقَى كَوْثَرَا

يَا مَنْ سَقَيْتَ الْكَرْمَ حَتَّى أَثْمَرَا
وَسَالَ مِنْ أَعْنَابِهِ الْخَمْرُ وَأَسْكَرَا

وَغَمَامَةٌ مِنْ فَوْقِ بَادِيَةٍ قَاحِلَة
أُمِرَتْ فَفَاضَ النُّورُ مِنْهَا وَأَمْطَرَا

وُلِدْتَ وَالْكَوْنُ يَلْتَحِفُ الظَّلَامَ
وَالْفَجْرُ يَنْظُرُ وَحْيَكَ كَيْ يَظْهَرَا

وَقُرَيْشُ تَرْقُبُ فِي الظِّلَالِ عِزَّهَا
تَدْنُو بِهِ مِنْهُمْ إِذَا الضَّلَالُ تَبَخَّرَا

حَطَّمْتَ أَصْنَامًا وَكَسَرْتَ أَغْلَالَا
وَأَزَحْتَ لَيْلًا قَدْ كَسَى أُمَّ الْقُرَى

الْيُتْمُ أَضْحَى فِي جِوَارِكَ عِزَّةً
وَكُلُّ مَنْ عَادْوكَ عِزُّهُمُ انْبَرَى

خَتْمُ النُّبُوَّةِ فَوْقَ كَتْفِكَ ظَاهِرٌ
لَكِنْ سَتُنْكِرُ كُلُّ عَيْنٍ مَا تَرَى

وَتُظِلُّ رَأْسَكَ فِي صِبَاكَ غَيْمَةٌ
تُذِيعُ مَا قَالَ الْمَسِيحُ وَبَشَّرَا

سَتَكُونُ فِي كُتُبِ الْأَوَائِلِ بَدْرًا
وَالنُّورُ يَغْشَى مَنْ رَآهُ وَأَنْكَرَا

وَالصَّدْرُ مَا شَقَّ الرَّسُولُ إِلَّا
لِيَكُونَ مِنْ نَقَاءِ طُهْرِهِ أَطْهَرَا

تَشِبُّ وَفِي الرَّعْيِ لَكَ حِصَّةٌ
فَالرَّعْيُ فَرْضٌ لِلْأَنْبِيَاءِ تَقَرَّرَا

وَكُنْتَ عُنْوَانَ الْأَمَانَةِ بَعْدَهَا
وَالصِّدْقُ كَانَ فِيكَ تَجَوْهَرَا

قَالُوا نُحَكِّمُ مَنْ سَيَأْتِي أَوَّلًا
فَكَانَ شَرَفٌ مَا لِغَيْرِكَ قُدِّرَا

وَطَرَحْتَ عَنْكَ بُرْدَةً كَانَتْ
مِنْ طُهْرِهَا تَضُمُّ حَجَرًا أَطْهَرَا

فَمَنْ سِوَاكَ يُعِيدُ ذَاكَ الْأَسْوَدَ
وَيَدَاهُ لِلْكَعْبَةِ تُعِيدُ الْجَوْهَرَا

وَتَعْتَرِي بالْغَارِ جَسَدَكَ رَعْشَةٌ
مِنْ هَوْلِ مَا سَمِعْتَ وَلَمْ تَرَ

قَالَ: اقْرَأْ، فَتَقُولُ: لَسْتُ بِقَارِئٍ
فَغَشَاكَ بِالصَّوْتِ الْجَهُورِ وَكَرَّرَا

اقْرَأْ، وَتَرُدُّ ثَانِيَةً: مَا أَنَا قَارِئٍ
فَيُعِيدُ ثَالِثَةً فَيَعْتَرِيكَ مَا اعْتَرَى

وَتُزَمِّلُكَ أَشْرَفُ نِسَاءِ بَنِي أَسَد
مِنْ فَرْطِ حُبٍّ فَاضَ مِنْهَا وَدَثَّرَا

وَتَقُومُ سِرًّا فِي قُرَيْشٍ دَاعِيًا
كَاللَّيْثِ يَنْظُرُ فِي الظِّلَالِ الْجُؤْذَرَا

وَيُذَاعُ خَبَرُكَ حِينَ يَأْذَنُ رَبُّكَ
أَنْ يُبْتَلَى مَنْ سَارَ مَعَكَ وَجَاوَرَا

مِنْ صَبْرِهِمْ عَلَى عَذَابٍ قد قُدِّرَ
تَعَلَّمَ الصَّبْرُ كَيْفَ أَنْ يَتَصَبَّرَا

وَتَمْضِي فِي سَبِيلِ رَبِّكَ هَادِيًا
حَتَّى تَدِينُ لَكَ الْقُلُوبُ وَتَجْهَرَا

وَيَسِيرُ مَعَكَ الْمُؤْمِنُونَ كَأَنَّهُمْ
دُرَرٌ تُزَيِّنُ فِي الْجِنَانِ الْكَوْثَرَا

سَيْلٌ مِنَ النُّورِ بِقَلْبِ مَكَّة تَنَزَّلَ
فَاضَ ضِيَاءؤُهُ بِكُلِّ أَرْضٍ وَأَغْمَرَا

يَا خَيْرَ مَنْ نَطَقَ الزَّمَانُ بِاسْمِهِ
وَحُبُّهُ جَمَعَ الْقُلُوبَ وَلَمْ تَرَ

صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ طَه وَسَلَّمَ
حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ الَّتِي قَدَّرَا

وَيَكُونُ لِلْعَطْشَى مِنْ يَدَيْكَ شَرْبَةٌ
وَيَطِيبُ لِلْعَيْنِ حِينَهَا أَنْ تَنْظُرَا


سلو قلبي فيديو - مدح للرسول (ص)

طَالَعْتُ تَارِيخَ العَرَبِ الطَّوِيلَ
وَقَرَأْتُ مَآثِرًا بِهِ مَا لَهَا مَثِيلَ
حَتَّى وَصَلْتُ إِلَى الفَصْلِ الأَخِيرِ
عَنْ أُمَّةٍ تَحْتَضِرُ وَوَطَنٍ عَلِيلٍ


طَالَعْتُ تَارِيخَ العَرَبِ الطَّوِيل


تَمضي الحَياةُ غَيرَ عابِئَةٍ بِنا
وتُسقينا أَقداحَ الشَّقاءِ والمُنى

وتُقَلِّبُنا بَينَ أَحوالِها وكأنَّها
تَغزِلُ مِن أَعمارِنا أَثوابَ الدُّنى


تَمضي الحَياةُ غَيرَ عابِئَةٍ بِنا

وأدبي ما نفعه مع من لا أدبا يصيبه 
والنصح ما فعله في من أسيء تأديبه
فأكظم جناح الغيظ واركن إلى الصبر
فلا خيرا من الأيام تراها تجيد تهذيبه


الأدب و الأصول


أَسَفي عَلَى عِزٍّ مضى، وذُلٍّ آتِ 
وعَجْزٍ قَدْ أَصَابَ أُمَّةَ الضّادِ 

اَلْجُوعُ يَسْكُنُ أَرْضَ غَزَّةِ بَينَما
يَنامُ مِلْءُ جُفونِهِمْ كُلُّ الوُلاةِ 
 
هذي فَتاةٌ تَسْعَى بَيْنَ الرُكَامِ 
لَعَلَّ في ثَنَاهُ تَبَقَّى أيُّ فُتاتِ 

لها أَخٌ رَضيعٌ لا ثَدْيَ يُرضِعُهُ 
لأَنَّها جَفَّتْ أَثْدَاءُ المُرضِعاتِ 

وهذي أُمٌّ ثَكْلَى تُواسِي أُمًّا حُبْلَى 
تَتَوَجَّسُ الثَّكْلَ ساعةَ المَخاضِ 

فلا مَشفى هُنالِكَ، ولا ثَمَّ طَبيبُ 
ولا حتّى سَبيلٌ لِأَيْدِي القابِلاتِ 

وهذا طِفْلٌ أَرَاهُ يُناظِرُ البَحرَ
عَسى عَيْناهُ تُبصِرُ بَوَاخِرَ النَّجاةِ 

لم يُخْبِرُوهُ بَعدْ حَقِيقَةْ الْأَمْرِ 
بِأَنَّ حِصَارَهُمْ مُرَبَّعُ الجِهاتِ

لَا بَحْرَ فِيهِ نَجَاةٌ، أَوْ بَرَّ يُسْعِفُهُمْ 
فَكُلُّ مَنْ حَولَهُم أَشباهُ أَمْواتِ 


أَسَفي عَلَى عِزٍّ مضى، وذُلٍّ آتِ

أُحِبُّ الشُّعَرَاءَ وَلَسْتُ مِنْهُمُ
وَأَهْوَى الشِّعْرَ وَلَسْتُ أَنْظُمُ
وَأَكْتُبُ هَاوِيًا بَعْضَ الشُّطُورِ
تَرْوِي الَّذِي أَشْعُرُ بِهِ وَتَرْسُمُ