التاريخ يعاد و يكرر على رؤوس الجاهلين به, لكنه يقاد و يغير بأيدي العالمين به, يحكي التاريخ عن فبراير 1946 عن واقعة كوبري عباس ذلك الجسر الذي شهد أكبر مظاهرة طلابية تطالب بجلاء الاحتلال الإنجليزي عن مصر. و كانت الجسور آنذاك تقسم نصفين و تفتح كي تمر المراكب عبر النيل أسفلها. حين خرجت المظاهرة من جامعة القاهرة, ووصلت لمنتصف الجسر. فتحته الشرطة. و أطلقت الرصاص على الطلبة. ليذوقوا الموت رصاصا و غرقا.. و بعدها انفجرت مصر بإضرابات ومظاهرات و انفجر العالم بحركات طلابية تتضامن مع شهداء طلاب مصر.
و رغم ذلك لم يحاسب القتلة, بل كرموا!
ما أشبه اليوم بالبارحة,ماذا يجري الآن؟ بينما نحن في منتصف الطريق, فتحوا الجسر علينا, منعنا من العبور إلى البر الثاني و كالعادة.. كرم القتلة.
لكننا – نحن الطلاب- قررنا أن نواصل.. أن نغير قواعد اللعبة هذه المرة. أن نعبر , أن نصبح نحن الجسر الذي يوصل للبر الثاني , و لو بعد حين.

فُتح الجسر الآن
من يرجع للخلف يمت
برصاص في الظهر يمت ذلا
من يثبت
فسيبقى صوته 
أعمق من طلقات الغدر و أعلى
من يسقط
في النيل
 فلن تغرق روحه كلا
ستذوب عروسا في النيل مع الماء الأبدي
تعود لتجلب معها فيضانا
فيضانا 
يغدق فوق الأرض الخصبا
يغرق فرعون و جنده رعبا
يجعل ماء النهر
أقوى من سد القهر
فيضانا يتحول شعبا
شعبا يتحول طوفانا
فُتح الجسر الآن

الفرعون هو الفرعون
و لا فرق عميلا كان
أو محتلا
كل طغاة الأرض سواء
تختلف الأوجه والأسماء 
لكن لهم لغة واحدة
أحرُفُها من أجساد القتلى
كل طغاة الأرض سواء
أصنام جوفاء
تُحشى قشا
تخشى صرخة "لا" صادقة
فاصرخ يا صاحبي
بقدر شعورك بالغربة قل " لا "
كن لرفاقك/من رحلوا 
قلبا.. وذراعا.. ولسانا..
فتح الجسر الآن

العسكر في البر الثاني
وعيونه تنظر بجمود
نحو عيون حشود
تنظر نحوه ، تقذفه شذرا
و برغم سلاحه ظل جبانا
فتح الجسرا
"طلاب للعلم فعودوا.. صبرا"
قال كهول الحكماء لنا:
"العلم مع الصبر وقود
و سيؤتي تدريجيا نصرا"
لا
ما العلم إذا لم أصبح أثناءه حرا
ما الصبر إذا كنت أعود إليه مهانا مضطرا؟
لا
صبركم صبار شوكي
لا يسمن لا يغني من جوع
أطعمتم هذي الأمة منه دهرا
فتنحوا أنتم 
و خذوا حكمتكم و دعونا
نحن – كما قلتم - 
طلاب حمقى مندفعونا
لن نتراجع شبرا
و سنقفز..
و سنعبر هذا الجسر و لو بدمانا
يا حكماء الصبر العاجز ، عذرا
إن أزعجكم دمنا
بمياه النيل الرائق
حين يعب الواحد منكم
كل صباح
من نفس مياهه كوبا ملآنا
عذرا..
لن نتراجع
نحن – برغم السن الأدرى - 
فيما يرغب حالا شهدانا
فتح الجسر الآن

في لحظات..
تتساقط أوراق التوت جميعا
عن عورات الدنيا
و نرى هذا الكوكب 
أفكاره ، ومعانيه
و كل شعور فيه يُعرَّى
(موت/ميلاد /بؤس/نشوة
قبح/حسن/عجز/ قوة)
تتداخل ألوان الأشياء
و تتوالد ألوان أخرى
في لحظات
يتعلق كل منا بعيون رفاقه
كي لا تفلت منه صرخة آه
يرسم كل منا هذا اليوم
بهذا الجسر بكل تفاصيله و خطاه
يقسم أن يحكي عنه إلي الأبناء
إذا ما بقى هنا 
أو أن يحكي عنه هناك إلى الله
في لحظات
نعلم أن الجسر طويل جدا
أن النصر على البر الثاني نلقاه
و لذا ندرك أن النصر يقين
لكنه مرهون
أن يبقى كل منا
فوق الجسر هنا
و برغم مسوخ تتزايد حوله
يقدر أن يبقى إنسانا
فتح الجسر الآن

في منتصف الجسر
الموت يقول لنا:
"أُجهدت فرفقا بي
إنّ تزاحمكم حولي يخنقني
أنتم مازلتم فتيانا
و أنا معتاد 
أن أتصارع و كهولا تهرب
أمسكهم.. أرغمهم
أهزمهم فردا فردا
رفقا بي .. لا أفهمكم
تأتون إلي جماعات
منسجمين و مبتسمين
و لا أدرى
لم يتسابق كل منكم أن يلقي نفسه
في أحضاني الشوكية عمدا"
و التاريخ يقول لنا:
"لي ألف ذراع و ذراع
أكتب ما شئت بهم
و الكل يزول أنا باقي
لكني أخجل منكم
أنتم و بأذرعكم- رغم القلة-
دوّنتم في أوراق الواقع ما هو أكثر
من أن أقدر تدوينه خلفكم في أوراقي"
أما الله ..
فمبتسما من فوق سماه
سمعناه يقول لنا:
"فألف بين قلوبكم يا عباد"
"لا خوف عليكم اليوم
و لا أنتم تحزنون"
أما نحن فنسمع ذا 
و نقول:
"أيا الله
ليس يهم أستمع الكون لنا
أو سد فؤاده و الآذانا
ليس يهم..
ازدادوا فجرا
فازددنا إيمانا
يا الله..
لن نتراجع شبرا
و سنعبر هذا الجسر و لو بدمانا
فتح.. الجسر.. الآن .. 

محمد فوزي

الموسيقى : مسار - الثلاثي جبران 

الجسر - محمد فوزي


كتب المقال: محمد فوزي 
لقراءة المقال:
https://www.facebook.com/1480383808849224/photos/a.1484742261746712.1073741830.1480383808849224/1566383673582570/?type=1&theater

.بضع جمل لم تسجل

الأداء الصوتي:
سلمـى 


ريتاج.. لن نمَلَّ يا حبيبتي

ديوان الرقيم للشاعر محمد فوزي

https://docs.google.com/document/d/1RcdDM3UE4wOyzSsZLhaDF6fb5A-HbQT7DZBaciYsw-4/edit?usp=sharing

يصدر إلكترونيًا يوم 5 مارس
تابعونا على لينك الإيفينت
https://www.facebook.com/events/235791920091188/

برومو ديوان الرقيم_ للشاعر محمد فوزي

محمد فوزي شاهر، طالب بكلية الصيدلة جامعة المنصورة، 24 عام، مُعتقل سياسي منذ عامين، شاعر فصحى له ديوان تحت الطبع باسم (الرقيم).
https://docs.google.com/document/d/1RcdDM3UE4wOyzSsZLhaDF6fb5A-HbQT7DZBaciYsw-4/edit?usp=sharing

برومو ديوان الرقيم_ للشاعر محمد فوزي

freedom for MFawzy Shaher

Recent comments

Fatma kamel

Related tracks