جالسٌ هو على مقعدٍ خشبيّ بالمقهىٰ
مُتكِئًا على دُخَانِ سجائِرِهِ التي تهوِي به إلى اللا شيءِ
ينظرُ إلى المشاةِ العابرينَ متسائلًا ..
تُرىٰ هلْ يقومونَ بِعَدّ خطواتِهِم ، أو ينتبهونَ لِما تساقطَ منهم من ذكرياتٍ تناسوها ، لكنها أبكت حجارةَ الرصيفِ ؟!
يُشعِلُ سيجارةً ثم يقولُ إلى ذاتهِ المثكولةِ :
ليتني كعمودِ الإنارةِ ذاكَ ، لا يخيفُني الليلُ ولا تزعجني شمسُ الصباحِ ...

مُعتكِفةٌ هي في محرابِ حزنِها
تصلي صلاةَ الغيابِ
مارةٌ على دروبِ أيامِها الماضيةِ 
ناظرةٌ إلى إنعكاسِ صورتِها بالمرآةِ
فتبتسمُ و قد فرَّت دمعةٌ من عينيْها قائلةً :
كم تغيرتِ يا أنا ؟!
فتفتحُ شِباكَها ناظرةً على خيبتِها متسائلةً ...
تُرىٰ هل أكونُ قويةً يومًا كعمودِ الإنارةِ البعيدِ
لا يهمني بردُ الشتاءِ ، ولا تحرقني حرارةُ الصيفِ ؟! 

ينظرُ هو إلى شِباكِها خِلسةً و يقولُ :
ماذا لو كنتُ كالفتاةِ الجميلةِ تلكَ
ماذا سيشغَلُني سِوى جديلَتي التي تداعبُ جبينَ الليلِ فينامُ و أنامُ ؟!
تنظُرُ هي إلي دُخانِ سجائرِهِ خِلسةً و تقولُ :
لو كُنتُ كالشابِّ الوسيمِ هناكَ ماذا سيشغَلُني
سِوى مطاردةِ الليلِ و فتاةٍ تُنسيني التي قبلَها ؟!
يَلمحُها و تلمحُه فَيُبصرانِ عَبْرَةً تلألأتْ في عينِ كلٍ منهما
حينَ مرتْ نجمةٌ عابرةٌ في السماءِ
يبتسمانِ على خيبتِهما و يرددانِ :
" ليتنا كَـ عمودِ الإنارةِ الوحيدِ "

أما أنا ، كُنتُ غارقًا في اللاشيءِ كالشابِ
و تحيطُني هالةُ الخيبةِ كالفتاةِ،
مَحنِيَّ العُنقِ أراقبُ الذكرياتِ التي أبكتْ الأرصفةَ
حين سقطْتُ من المارينَ سهوًا
فأنطفئُ و أخِّرُ على الأرضِ هامدًا
لَربما يدركانِ أن الأشياءَ تموتُ كما البشرِ
و أنهما لم يحسداني على شيءٍ
سِوىٰ أنني :
" عمودُ الإنارةِ الوحيدِ

عمود الإنارة الوحيد لـ " احمد سالم " | سماء الأشقر

فليس للاين منك اين ولا اين بحيث انت

تُضيء كل باهِت تمر عليه .

ستظهرُ أجنحةُ روحي يوماً ما.. 🦋"

عمود الإنارة الوحيد لـ " احمد سالم " | سماء الأشقر

Sama Alashkar