لأنكِ بعيدة، ولأني لا أقدر أن ألمسك
فقررت أن أكتب .. لعل الكتابة أن تهمس لروحك العظيمة كم أنا مُحطّم في بُعدِكِ
أصبحت رجلٌ محجوم، هزمني كل شيء، هزمتني الحرب، و هزمني الوطن .. الرفاق وأنتِ
لا مشكلة ولا تيأسي لوضعي الحزين فإنني اعتدتُ و تصلّبتُ أكثر من اللازم
و أبكي .. لعل حرقة الدموع تشفي جروح قلبي
وماذا يعني لو بكيت؟ ألا أستحق أن أبكي؟
ليس عليكِ، لا أبدًا .. بل على نفسي المسكينة
أشفق عليها حقًا كما فعلوا بها و صمدت..
نفسي عظيمة لدرجة أنكِ لو تركتيها، أهلكتيها، و دمرتيها .. ستبقى معي
أنتظر وجعً جديدًا يأتيني..
مطمئنة حتى وأنتِ بعيدة؟
أنا لم ألطم، ولم أنوح، ولم أقُل للعالم بأسرِه:
امرأة غريبة تركتني في وسط الاكتئاب وذهبت
إطمئني، فإني بكيت وحدي، و حزنت وحدي، وكلمتُكِ وحدي
إلى الحد الذي تخدّرت فيه روحي ولم أعُد أشعر.

لأنكِ بعيدة

أصعب ما في الإصابة بمرض نفسي هو محاولاتك للظهور طبيعي أمام الجميع؛ و لأجل ذلك أحاول أن أكتم صرخاتي الليلية بثلاث وسادات من القطن رديء الصُنع، أما بالنسبة لآلام الرأس؛ فأنا أكتفي بضرب رأسي ثلاث ضربات بكف يدي حتى تهدأ.
أما المتعة الحقيقية في الرهاب الاجتماعي، فهي تكمُن في مشاهدة العالم من فتحة صغيرة في نافذة غرفتي، أراقب العالم ولا أحد يُراقبني، ومع أول شهيق للمؤذن في مكبر الصوت مُعلناً صلاة الفجر هنا تحديدًا ابدأ في البكاء، هذه هي اللحظة الوحيدة التي ينصفني فيها البشر، فكلما أصبح صوت المؤذن أعلى و أغلظ، كلما هرمت في البكاء.

لأنكِ بعيدة

رسائل أبْكَم